قبل فترة شكل الدكتور بدر العيسى وزير التربية والتعليم الأسبق لجنة لتقصي الحقائق بشأن الشهادات المزورة والوهمية ولم يستمر في الوزارة ليقرأ تقريرها النهائي.

وقد نشرت جريدة "الجريدة" بتاريخ 16/ 12/ 2017 على الصفحة الأولى خبراً ومعلومات مهمة على الوزير الجديد التحقيق فيها، تقول الجريدة: "إن 22 ألف مبتعث للدراسة متلاعبون، وإن حركة الدخول والخروج أثبتت أن مئات منهم يدرسون أسبوعاً واحداً فقط في السنة، وأغلبهم مبتعثون من الجهات الحكومية للدراسات العليا".

Ad

سيعود هؤلاء حاملين شهادة الدكتوراه، وسيحاولون الالتحاق بالجامعة، وسيسعى نواب لتبني قضيتهم بحجة أنهم استوفوا شروط الجامعة لتعيين الكويتيين حملة الدكتوراه من خارج مبعوثي الجامعة والشرط للحصول على الشهادة ليس بالانتساب والمراسلة بل بالانتظام!

ونحن من خلال معايشتنا لبعضهم فقد حصلوا على شهادة الدكتوراه بهذه الطريقة، والسؤال من المسؤول عن هذه المهزلة ولماذا لا يتم التحقيق فيها؟ أما الجامعات التي تمنحها فالاعتبارات المادية وتساهل الأساتذة المشرفين على هؤلاء الطلبة لأنهم مستفيدون من تلك العملية هي من الأسباب الرئيسة للكارثة التعليمية، فهؤلاء الذين ذهبوا للسياحة الدراسية المقنعة سيتولون تدريس أبنائنا فقط لأنهم يحملون الشهادة العليا، وليس لديهم بحوث علمية منشورة قبل ولا بعد الحصول على تلك الشهادة، ونقول بعد ذلك إن التعليم منحدر، والتعليم أساس لنهضة الأمم، وندعو أصحاب الشأن إلى العودة إلى الخبر وقراءة المعلومات فهي خطيرة بانعكاساتها على التعليم والمجتمع.

وظاهرة الابتعاث السياحي المقنع لا تشمل بعض الدارسين الجادين، وعددهم بالتأكيد قليل، وقد أشرنا إلى بعض تلك الظواهر الشاذة في دول الرفاهية الريعية، وحذرنا من خطرها في كتابنا "سيرة أستاذ جامعي". ونحن نتحدث عن أزمة التعليم في دولنا لا بد من التأكيد على أن الدول المتقدمة لم تتقدم إلا بإصلاح التعليم، وعلينا أن نواجه بجدية مثل تلك المشكلات، والمسؤول عن ظاهرة الدراسة المقنعة أكثر من جهة، منها المؤسسات التي يعملون فيها والجامعات المانحة لتلك الشهادة، وأساتذة نفعيون، والمكاتب الثقافية في سفاراتنا بتلك الدول، ومرض الواسطة المنتشر في مجتمعاتنا. ويبقى الأمل في المخلصين الحريصين على مستقبل بلادهم للتحرك لمكافحة مثل هذه العلل التي تهدد شبابنا، فمخرجات التعليم لدينا مخيفة بأعدادها وتدني مستوى المعرفة والثقافة فيها، ويتضح ذلك من واقع التجربة التي عشناها في الجامعة لسنوات طويلة. إن مستوى التعليم الجامعي اليوم أقل من المستوى الثانوي قبل ربع قرن، وهو في انحدار، إذ إن بعض الطلبة ليس لديهم الحد الأدنى من القراءة أو الكتابة، أو يحتاج أحدهم من يقوم بتدريسه إلى التركيز على البدهيات التي كان يجب أن يتعلمها في التعليم العام قبل الجامعة، نحن هنا نتكلم عن الصورة العامة لهؤلاء الطلبة ونستثني منهم بعض الطلبة المتميزين، وهم قلة تميزوا بجهودهم الفردية لا نتيجة النظام الدراسي المطبق، لذلك أنقذوا التعليم أيها السادة فهو ملاذنا واستثمارنا الحقيقي.

وبتاريخ 17 ديسمبر 2017 أي بعد أيام من القضية السابقة تنشر جريدة "القبس" على صفحتها الأولى أيضاً ما أسمتها كارثة علمية، 84 بحثاً نشرت في مجلة هندية مشبوهة أبطالها أكاديميون كويتيون قدمت لهم الترقيات العلمية في التعليم التطبيقي، وفي مؤسسات علمية كويتية ومراكز طبية، تصدر المجلة في حيدر أباد في الهند والعملية تجارية، تتولى النشر الحرفي في مجلات أخرى.

والمتقدمون للنشر فيها غير قادرين علمياً على النشر في مجلات علمية معتمدة لضعف إنتاجهم ورغبتهم في الترقية، وعندها تلتقي مصلحة المتقدم للنشر في مثل تلك المجلات مع مصلحة المجلة النفعية التجارية، والسؤال متى يتحرك المسؤولون والضمير العلمي لوقف مثل هذه الكارثة العلمية، ووضع مثل تلك المجلات في القائمة السوداء، وكذلك معاقبة الذين نشروا أبحاثهم فيها؟!