حاول القادة القوميون الكورسيكيون أمس، إثبات قوتهم خلال تظاهرة نظمونها في أجاكسيو لحمل الرئيس ايمانويل ماكرون على "فتح حوار" حول مطالبهم بالحكم الذاتي، قبل ثلاثة أيام من زيارته للجزيرة.

وخلّف شعار "الديمقراطية والاحترام للشعب الكورسيكي"، تهدف هذه التظاهرة المدعومة من مجموعة تضم نقابات وهيئات ومختلف الحركات القومية، إلى "إقناع الرئيس، عبر تعبئة شعبية وسلمية، بفتح حوار"، كما قال الرئيس المؤيد للحكم الذاتي للمجلس التنفيذي، جيل سيميوني.

Ad

وشدد جيل سيميوني على "أهمية أن تتكلل بالنجاح، وأن تجرى على ما يرام، وتجنب أي تجاوز يمكن أن يعطي ذرائع لمن لا يريدون أن تجرى الأمور على ما يرام".

وأضاف أن الخطر السياسي يكمن في تفويت هذه اللحظة "حيث لم تكن الظروف مؤاتية كما هي الآن لتسوية على أعلى المستويات للمسألة الكورسيكية.

وقال سيميوني إن هذه التظاهرة رد على عدم تسلم ردود تتعلق بكل الملفات تقريبا، والتي قدمها الاسبوع الماضي في باريس مع حليفه جان غي تالاموني إلى رئيس الوزراء ادوار فيليب والى رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه. ومن تلك الملفات، الاشتراك في إضفاء الصفة الرسمية على اللغة الكورسيكية، والتقارب والعفو عن السجناء، وإدراج كورسيكا في الدستور.

بعد هذه الاجتماعات، فوجئ قصر ماتينيون على ما يبدو بخيبة أمل النواب القوميين. وذكر المحيطون بادوار فيليب أنه "حصل مع رئيس الوزراء حوار بناء: وبعد هذا التبادل للاراء، وافق كل طرف على اننا دخلنا مرحلة سياسية جديدة". وأخذ قصر ماتينيون "علماً" بالدعوة إلى التظاهر التي تلت هذه اللقاءات، معربا في الوقت نفسه عن الأمل في أن يستمر الحوار الذي بدأ بين الحكومة والهيئة التنفيذية الكورسيكية المحلية.

وفي قصر الإليزيه، حيث لم يكتمل بعد جدول أعمال الرئيس خلال زيارته الثلاثاء والاربعاء إلى كورسيكا، لا يزال الوقت متاحا للانتظار والمراقبة.

ومن المتوقع أن تضم التظاهرة التي تؤدي إلى زيادة تعقيد موقف جيل سيميوني، شارل بيري الرئيس السابق لجبهة التحرير الوطنية الكورسيكية، والحركة المسلحة المطالبة بالاستقلال، والتي نفذت عددا كبيرا من الاعتداءات.

ويمكن أن يشكل الحضور المعلن لشارل بيري إحباطا للبعض. وذكر العالم السياسي كزافييه كريتيز أن هذه الشخصية التي تمثل العنف السري "تجسد سر المنظمات السرية".

وقد ظهر شارل بيري في الطليعة خلال اجتماع عام للإعداد للتظاهرة، في 27 يناير في كورتي، وأعلن في مقابلة نادرة الخميس لصحيفة "كورس-ماتان" اليومية "استعادة منصب في اللجنة التنفيذية" لحزب تالاموني، كورسيكا ليبيرا.

وتعتبر أوساط السلطة الإقليمية للجزيرة، أن وجود بيري "ليس حياديا، وأنه يثير العاطفة ويطرح اسئلة".

وأوجز كريتيوز رأيه بالقول إن حضور الزعيم السابق لجبهة التحرير الوطني الكورسيكية يمكن أن يعتبر "ظل وصاية" فوق سلطة تالاموني وسيميوني، ومن الممكن أن "تستخدمه باريس لاستبعاد عدد من المطالب القومية". ورفض جيل سيميوني هذه الفكرة، وأكد لوكالة فرانس برس أنه "ليس ثمة أي ظل لوصاية فوق رأسي".

أما موضوع الخلاف الآخر فيتمثل في إعلان السكك الحديدية الكورسيكية، الشركة العامة التي تمولها الجماعة الكورسيكية، الاربعاء عن تسيير قطارات اضافية و"خفض بنسبة 50 في المئة على جميع قطارات الخطوط الكبيرة" أمس بمناسبة التظاهرة في أجاكسيو.

ورغم صدور توضيح يؤكد أن السكك الحديدية الكورسيكية تصرفت بدوافع تجارية لا سياسية، فقد أغضب هذا التدبير عددا كبيرا من مستخدمي الإنترنت والمعارضة السياسية في الجزيرة، وكانت هذه المعارضة نأت بنفسها عن التظاهرة، معتبرة انها ليست في محلها قبل ثلاثة ايام من زيارة ايمانويل ماكرون.