شهد المؤتمر السنوي الرابع لمواجهة التطرف الذي نظمته مكتبة الإسكندرية مشاركة عربية ودولية واسعة، بدت واضحة في الجلسات النقاشية والحوارية، التي أقيمت ضمن الفعاليات.

وأكد د. مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، أن مؤتمر التطرف يأتي في وقته، إذ يموج العالم بتيارات الفكر المظلم والمتطرف، التي ينبغي علينا أن نواجهها معاً، مشيراً إلى أن أية ديانة لم تتعرض للظلم طوال التاريخ الحديث، مثلما تعرضت الديانة الإسلامية، التي باتت مشوهة في نظر الغرب، بشكل يكاد يكون متعمداً، بسبب الالتباس بين الدين والسياسة، وتعمد إطلاق مصطلح تنظيم الدولة الإسلامية على «داعش» الإرهابي، حسب قوله.

Ad

رسالة الأدب والفن

قدّم عالم الاجتماع والمفكر الكويتي، د. محمد الرميحي، أفكاراً تشخيصية للوضع القائم نوقشت في جلسات المؤتمر، وقال إن العالم في القرن الحادي والعشرين بالغ التعقيد، استطاع المتطرفون فيه تحقيق أهدافهم إما بالسلاح أو بالأفكار التي تمثل خطراً كبيراً، فضلاً عن أن العولمة تبشرنا باحتمالات متزايدة من المخاطر ستؤدي إلى فوضى عارمة لو تجاهلناها.

كذلك أكد وجود مجموعة من التساؤلات تنبغي مناقشتها، ومن بينها: ماذا يستطيع أن يقدم الأدب والفن في مواجهة خطر التطرف، وما هو نوع هذا الفن وما موضوعه. كذلك، كيف يجب أن تكون العلاقة بين الأدبين المحلي والعالمي؟

بدوره، أكد الباحث الجزائري الطاهر سعود، المتخصص في الحركات الإسلامية، وجود بُعد ثقافي لمواجهة خطر الإرهاب والتطرف، فمن الضروري هدم الإرث الثقافي السابق وبناء وإعداد نسق ثقافي متجدد يحمل خيارات للخروج من وضعية التخلف ومواجهة الانتشار الواسع للعنف.

وتحدث في جلسة «الإعلام» كل من الباحثة في العلوم السياسية والناشطة اليمنية د. وسام باسندوة، والصحافي الأردني مفلح العدوان، وأستاذ العلوم السياسية بالجامعة البريطانية بالقاهرة د. لوري فيليبس، والإعلامية الجزائرية د. لبنى شطاب، ورئيس تحرير «الأهرام ويكلي» الصحافي عزت إبراهيم؛ والإعلامي عمرو خفاجي.

وفي كلمته، قال مفلح العدوان، إن المواجهة الحقيقية للتطرف يجب أن تبدأ بالأطفال، فالمحتوى الذي يعرض لهم سواء عبر القنوات التقليدية أو الحديثة معظمه يشجع على العنف ويرسخ ثقافة الاختلاف، مشيراً إلى تواطؤ يؤدي إلى صناعة المتطرف. وأكد أهمية التركيز على الموسيقى والفن والأدب وتقبل الآخر.

رؤى سياسية

أدار جلسة «التطرف: رؤى سياسية» د. أسامة الغزالي حرب، الكاتب وخبير العلوم السياسية، بحضور الباحث الإيطالي ريكاردو ريدالي، والدكتور تورستين برونشتاين، من جامعة ألمانيا، والدكتورة أم العز الفارسي، أستاذة العلوم السياسية بجامعة بني غازي، والدكتور أحمد يوسف أحمد والدكتورة إيمان رجب، الباحثة في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.

أكد الباحث ريدالي ضرورة وجود توازن بين الحريات الشخصية ومواجهة التطرف، مؤكداً أهمية محاربة كل من يستخدم الدين في حرمان الغير من ممارسة حقوقه. وأوضح أننا جميعاً مطالبون بالحفاظ على التراث العالمي والثقافة العالمية من خلال معرفة كل منا للآخر، وذلك من خلال بعثات والنقاش، مشدداً على دور مؤسسات المجتمع المدني والجامعات، كذلك الثقافة في مواجهة هذه الظاهرة.

واستعرضت د. أم العز الفارسي، تجربة ليبيا ورفض تيار الإسلام السياسي الديمقراطية، إذ تحولت المنابر إلى سباب وعنف وتكممت الأفواه وقيدت الحريات. وفي ما يتعلق بمعالجة التطرف السياسي، أشارت إلى أن الفكر المستنير هو أول الأدوات فهو يقوم على قواعد فكرية منها الاحتكام إلى قيم المواطنة والحوار وقبول الآخر، فضلاً عن فتح حوار مجتمعي وسياسي لمناقشة القضايا المتعلقة بالإسلام والعلمانية.

كذلك عقدت في المؤتمر جلسة بعنوان «الثقافة والتقدم في العالم العربي»، أدارها وزير الثقافة الأسبق في مصر د. جابر عصفور، وتحدث فيها كل من رئيسة اتحاد الكتاب الجزائريين يوسف شقرة، والمفكر والأديب العراقي نجم والي، وأستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة د. نيفين مسعد، والمفكر المغربي عبد السلام الطويل، والمحامية اللبنانية والناشطة الحقوقية د. دانيال الحويك.

أكد عبد السلام الطويل فرضيتين أساسيتين، الأولى أن العنف والتطرف والإرهاب والتشرد نتيجة مباشرة لفشل مشروع الثقافة، والثانية أن مظاهر العنف والتطرف نتيجة لفشل مشروعات الإصلاح والتجديد على مدار عقود ما بعد الاستقلال. وتابع: «مشروعات الإصلاح والتجديد شكلت مسار الحداثة الأصلي الذي يقوم على السياسة التاريخية لتحرر الإنسان ليكون مسؤولًا وفاعلًا في تاريخه».

إهداء

أهدى الوفد الصيني الذي شارك في المؤتمر لوحة تذكارية «مخطوطة» للدكتور مصطفى الفقي، بالرموز الصينية، حملت عبارة «شوسيانج» وتعني عبق الكتب باللغة الصينية.