بينما أفكّر في الأشهر الثلاثة التي قضيتها سفيراً للولايات المتحدة في روسيا وأتطلّع بأمل إلى عام 2018، أبقى مقتنعاً أنه بإمكاننا تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا لا بل علينا تحسين العلاقات هذه.

لا شك أننا نحرز تقدّماً في هذا المجال، ويمكننا القيام بالمزيد عبر العمل الحثيث لإيجاد طريقة بناءة للمضي قدماً، ونعرف أن الطريق صعب والمسائل شائكة، ولتحقيق مستقبلٍ أفضل للروس والأميركيين والعالم علينا أن نجد حلولاً للمشاكل المشتركة التي نواجهها حول العالم. كيف نصل الى ذلك؟ عبر طريقتين: الثقة والنتائج. ليس سراً أنّ العلاقة بيننا وبين روسيا كانت في أسوأ حالاتها لسنوات، وقد أشار الناس في الولايات المتحدة أنّهم يتوقّعون لا بل يطالبون بتحسّن في العلاقات الأميركية والروسية.

Ad

من مهامي كدبلوماسي أن أحقّق النتائج وقد تعهدت بذلك، وسأعمل ما بوسعي للعمل بشفافية وانفتاح مع نظرائي الروس للبحث في القضايا الشائكة المتعلّقة بالعلاقات الثنائية الروسية- الأميركية تماماً كما يفعل السفير أنتونوف في أميركا. بوسع أميركا وروسيا القيام بأمور رائعة إذا تمّ التعاون بينهما، سواء في مجال الفضاء أو المختبرات أو الأعمال أو السياسة.

نريد بناء الجسور بين الشعبين الأميركي والروسي، وهذا هو السبب الأساسي على أنه- ورغم تخفيض عدد بعثتنا الدبلوماسية بنسبة الثلثين- فإننا نعمل على قدم وساق لتلبية طلبات الفيزا في روسيا، ولهذا السبب بالذات افتتحنا قنصلية جديدة في موسكو مطلع الشهر الحالي، ونتطلع الى تعزيز أواصر التبادل الثقافي والتربوي بين بلدينا.

رغم كل هذه الأمور الإيجابية أعترف بأننا لا نتعاون في الشؤون السياسية والدبلوماسية كما يجب، رغم وجود قواسم مشتركة على أكثر من صعيد، وكما في كل علاقة، وعند اشتداد المشاكل قد لا نرى الأمور من المنظار نفسه، ولكن ذلك يجب ألا يحول دون التعاون بيننا. علينا زيادة الثقة بما بيننا، فعندما نحقّق ذلك ستفتح الأبواب على مصراعيها ويمكننا فعل المزيد، فيمكننا التعاون في مجالين أساسيين: كوريا الشمالية وسورية، ولنكن واضحين حول الوضع في كوريا الشمالية: لا يمكن أن نقبل تقدّم بيونغ يانغ في برنامجها النووي. لدى الولايات المتحدة وروسيا رؤية مشتركة للخطر الذي تمثله كوريا الشمالية بأفعالها، وهما يعرفان تماماً مدى الخطر الحقيقي المحدق بهما من جراء احتمال إطلاق صواريخ باليستية من كوريا الشمالية؛ لذا على الأسرة الدولية، بالإضافة الى الولايات المتحدة والصين وروسيا، العمل على فرض منطقة خالية من الأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية. ونحن نعمل معاً في مجلس الأمن الدولي للتنديد بأعمال كوريا الشمالية ونحاول استخدام شتى الوسائل لتغيير تصرّف بيونغ يانغ.

أما بالنسبة الى سورية فنحن نعمل على تقريب وجهات النظر رغم وجود بعض الثغرات، ولا شكّ أنّ ما نقوم به في هذا المجال جيد، فنحن نتحاور ونحاول التنسيق في ما بيننا حول هذا النزاع، وقد توقفت المعارك نوعاً ما نتيجة التعاون بين روسيا والولايات المتحدة. الخطوة التالية هي تطهير المنطقة من "داعش"، ووضع حدّ للحرب الأهلية استناداً الى قرار جنيف، أي عبر إيجاد حلّ سياسي للأزمة.

وقد وعدت روسيا بجرّ النظام السوري الى طاولة جنيف للمفاوضات ونحن نثق بالوعد الذي قطعوه، ولا شكّ أننا بحاجة الى مزيد من الجهود، وعلينا أن نصغي الى بعض وأن نتعامل مع بعض بنزاهة حول موضوعات أخرى مثل أوكرانيا مثلاً.

وعلينا التنبه إلى عدم تكرار أخطاء الماضي التي لا تفضي إلا الى الدمار، والتركيز على علاقات بناءة تلبّي مصالحنا المشتركة، وكسفير أميركي في روسيا أؤمن أنه رغم المشاكل الكثيرة التي نواجهها، ليس لدينا أي خيار آخر إلا تعزيز العلاقات بيننا لبناء الثقة المتبادلة والمضي قدماً وتحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع.

* جون هانتسمان

* سفير أميركا في روسيا

* «موسكو تايمز»