من جدول أعمال مجلس الأمة إلى جدول أعمال مجلس الوزراء، قرارات وقوانين وطلبات تحقيق أو مناقشة لم تر النور رغم أهميتها في حينها لمقدميها، إذ كانت حلولاً لأزمة سياسية، أو «ترقيعاً» لموقف انتخابي، لكنها ظلت حبيسة الأدراج لا تجد من يتبناها، حتى مَن قدموها تركوها مهملة من دون متابعة.

عشرات البنود على جدول أعمال البرلمان، يعود تاريخها إلى عام مضى بكل ما حمله من أحداث سياسية انفجرت في البلاد وأخذت الكثير من وقت المتخصصين واللجان سواء النيابية أو الحكومية لإنجازها، لكنها في النهاية تحولت إلى بنود شاهدة على تلك الأحداث دون قرار، وهذا ما قد يؤكد أن الكثير من العمل البرلماني، لا سيما طلبات التحقيق أو المناقشة، لا ينطلق من دوافع إصلاح بل ابتزاز، وهو ما تثبته تلك «البنود التاريخية» المكدسة على الجداول.

Ad

وليس أسوأ من جدول أعمال «الأمة» إلا جدول الحكومة، فالسلطة المعنية بطلب القوانين والتشريعات لسد ثغرات هنا أو لتطوير مرفق هناك، أو لتحسين بيئة عمل، طلبت من البرلمان سحب 52 مشروعاً بقانون أُرسِلت إليه منذ سنوات، ولم يناقشها، ولم تتابعها الحكومة أو وزراؤها المختصون.

ويدفع هذا العدد من المشاريع بقوانين إلى التساؤل عن كلفتها، وجدوى ما بُذِل فيها من جهد ووقت كالاستعانة بدور وشركات استشارية، وجهود العاملين في الإدارات المختصة بالوزارات والجهات الحكومية لصياغتها ومقارنتها بمثيلاتها في الدول المجاورة أو المتقدمة، وما بذله العاملون في إدارة الفتوى والتشريع للمراجعة والتعديل.

والمتابع لجدول أعمال جلسات المجلس، يجد أكثر من 60 موضوعاً متكرراً، بعضها غير صالح بالأساس للمناقشة الآن، ويجب أن يرفع منه، للتفرغ لإنجاز المتبقي منه، خصوصاً أن هناك بعض القضايا المهملة فيه، يدفع ثمنها وزراء في استجواباتهم.

وعلى سبيل المثال، من بين «طلبات المناقشة» المدرجة على جدول أعمال إحدى الجلسات، طلب يتعلق بمناقشة الإسراع في تنفيذ قانون العمالة المنزلية، حيث أُشهِرت شركتها وباشرت عملها في أغسطس الماضي، وما زال الطلب على الجدول، إضافة إلى طلب آخر خاص بإحالة 156 مدعياً عاماً إلى التقاعد لم يناقش إلى الآن، رغم أن القضاء حسم الموضوع، وأصدرت المحكمة الدستورية حكماً بأن قرارات هذه الإحالة «قانونية»!.

بل إن هناك قضايا تصدرت الحملات الانتخابية للنواب كوثيقة الإصلاح الاقتصادي، اكتفى فيها النواب بتقديم طلب للمناقشة، والذي يبدو أنه جاء من باب «إبراء الذمة» في بداية الفصل التشريعي، ولا يزال من تاريخه على الجدول دون أن يحرك أحد ساكناً.

وما يعكس حالة الإهمال أيضاً، تعاطي المجلس مع تقارير لجان التحقيق التسعة المدرجة على جدول أعماله والمليئة بالتوصيات وبينها الإحالة إلى النيابة، إذ لم يُبدِ أي جدية تجاهها، ما يفتح باب التكهنات والتساؤلات حول أسباب هذا التجاهل.

وهناك طلبات تشكيل لجان تحقيق مدرجة على جدول الأعمال منذ فترة، ضمنها تشكيل لجنة تحقيق حول ملابسات حريق اليخت، الذي حدث في ديسمبر 2016.

ويعود التكدس على جدول الأعمال إلى عدم الالتزام النيابي، وإقحام مواضيع خلال الجلسات قد لا تكون بأهمية ما هو مدرج عليها، إضافة إلى التسابق النيابي لتحقيق نقاط انتصار انتخابية، وتمرير الملفات التي عادة ما تكون مرتبطة بالانتخابات، ورغم ذلك لا يمكن تبرئة الحكومة بهذا الشأن، فهي شريك لمجلس الأمة، فهل يتحرك الأخير لتنظيف جدوله من غبار القضايا؟

«تطاير الحصى»... راوح مكانك

في 27 ديسمبر 2016، كلف مجلس الأمة لجنة المرافق العامة البرلمانية دراسة «تطاير الحصى»، الذي أزعج الشارع الكويتي كثيراً وتعرضت على إثره وزارة الأشغال لهجمة شرسة، وأنجزت اللجنة تقريرها عنه في 186 صفحة بتاريخ 30 أبريل الماضي.

لكن التقرير، الذي حمّلت فيه اللجنة المقاول و«الأشغال» مسؤولية الإخلال بأعمال التنفيذ والإشراف، وأكدت ضرورة عدم تطبيق أي خلطة جديدة إلا بعد إجراء الاختبارات العلمية اللازمة، لم يتحرك إلا بعد أن أحدث الحصى خراباً أكثر في سيارات المواطنين والمقيمين.

«نسخة ضوئية من مضبطة مجلس الأمة الأخيرة بتاريخ ٩ يناير الجاري»