مازالت واشنطن تمارس لعبتها المجرمة بحق الشعب السوري، وتتبادل الأدوار مع موسكو في حماية النظام السوري، واستمرار مأساة العصر التي لا يوجد لها مثيل على أرض الشام، فبينما يجدد النظام السوري فظاعته باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، تخرج الإدارة الأميركية لتجدد أسطوانة داعش، وتقرر إنشاء جيش حدودي من قوة ما يسمى بـ"سورية الديمقراطية"، التي يسيطر عليها حزب العمال الكردستاني، لإلهاء العالم وحرف نظره عن جرائم بشار الأسد.

المطلعون على ملف الثورة السورية يعلمون كيف تخلت الولايات المتحدة عن الجيش السوري الحر، وتركته حتى يصفى ويندثر لمصلحة المجاميع الأصولية والنظام السوري، وأيضاً كيف رفض السفير الأميركي السابق روبرت فورد تزويد الجيش الحر بمضادات جوية وأسلحة نوعية، عندما كان على مشارف إسقاط النظام، وكلام فورد لاحقاً لبعض رموز المعارضة السورية، الذي فهم منه أن واشنطن تريد التكافؤ بين طرفي الصراع في سورية، حتى تستمر المحرقة السورية إلى ما شاء الله.

Ad

حالياً القضية السورية أصبحت بلا أصدقاء ولا مساندين حقيقيين لها، وضاعت القضية في لعبة المقايضات الإقليمية والدولية، وأصبح السوريون بين خيارين لا ثالث لهما، إما الاستسلام لروسيا وإيران ومندوبهم بشار الأسد أو القتال والمقاومة الذاتية، ويبدو أن بعض السوريين اختاروا الخيار الثاني، وهو ما يتطلب أن تتخلى المعارضة السورية عن السيطرة على الأرض، وإدارة القرى والبلدات والمدن، واللجوء إلى حرب العصابات التي تحقق نجاحات وتستنزف النظام وحلفاءه، وتنهكهم كما يحدث في حرستا وبعض المواقع في حمص وريف دمشق.

أما موقف المجتمع الدولي والعرب تجاه القضية السورية فهم إما متآمرون عليها أو متجاهلون لها، ولن يتحركوا لنصرة من يقصفون بالكيماوي، أو من تهدم على رؤوسهم بيوتهم، أو من يبادون عبر المجاعات، كما يحدث في الغوطة الشرقية، وعدة مواقع أخرى في سورية، وكما تآمر الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما على الشعب السوري بـ"خطوطه الحمر" فإن ترامب الحالي سيواصل نفس النهج، ولن ينهي المحرقة السورية إلا عزيمة وإرادة الشعب السوري، ومقاومته للنظام الفاشي هناك وحلفائه وجميع المتآمرين ضده، لأنه حقيقة "ما لكم غير الله... أيها الشعب السوري العظيم".