عشية إصدار الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراره بشأن مصير الاتفاق النووي الإيراني، الذي يمكن أن «يمزقه كما وعد» في وقت سابق، وجهت بريطانيا وفرنسا وألمانيا مناشدة مشتركة للولايات المتحدة لحماية الاتفاق الموقع بين القوى الكبرى وطهران في 2015.

وجاءت المناشدة التي أطلقها وزراء خارجية القوى الأوروبية الثلاث ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي وفيدريكا موغيريني بعد اجتماعهم في بروكسل عشية مهلة نهائية للرئيس الأميركي كي يبت في مسألة إعادة فرض عقوبات نفطية تم رفعها بموجب الاتفاق.

Ad

وقال وزير خارجية فرنسا جان إيف لو دريان: «الاتفاق ضروري وليس هناك بديل. لا نتجاهل وجود نقاط خلاف أخرى مع إيران».

وأكدت موغيريني أن الاتحاد عازم على الإبقاء على الاتفاق، وطالبت «الجميع بالالتزام» بالاتفاق.

وأضافت عقب مباحثاتها مع وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف ونظرائه من فرنسا وألمانيا وبريطانيا «الاتفاق ناجح ويحقق هدفه الأساسي»، موجهة تحذيراً خجولاً من برنامجها الصاروخي الباليستي.

وأعرب وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون عن اعتقاده

«لا أعتقد أنه تم التوصل لبديل أفضل حتى الآن كوسيلة لمنع الإيرانيين من المضي قدماً في امتلاك قدرات نووية».

واعترف غابرييل في بروكسل، بجدية ما تشعر به واشنطن من قلق بشأن استراتيجية إيران في منطقة الشرق الأوسط، لكنه شدد على أن «الاتحاد الأوروبي يريد الحفاظ على الصفقة النووية».

في المقابل، كتب ظريف على صفحته على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي بعد المباحثات في بروكسل، أن ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي «على دراية كاملة بأن استمرار التزام إيران مشروط بالالتزام الكامل من جانب أميركا».

وأضاف أنه كان هناك «إجماع قوي» خلال اللقاء على أن إيران ملتزمة بالاتفاق، وأن الشعب الإيراني «له كل الحق في جميع استحقاقاته»، وأن أي خطوة تقوض الاتفاق «غير مقبولة».

وفي وقت سابق، تمسك وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال اجتماع مع نظيره الإيراني في موسكو،أمس الأول، بأهمية الاتفاق النووي.

ووصف تنفيذ بنود الاتفاق بأنه يحظى بأهمية كبيرة، لافتاً إلى أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية أكد التزام إيران به.

رهانات وترقب

ويفترض أن يعلن الرئيس الجمهوري اليوم أن الإبقاء على الاتفاق حول البرنامج النووي الايراني ليس في مصلحة الولايات المتحدة.

وكان عبر عن نواياه في أكتوبر الماضي، ويتحتم عليه بموجب القانون الأميركي حول الاتفاق الإيراني، إبلاغ الكونغرس بموقفه خلال تسعين يوماً.

وبعد أن يتخذ قراره، يمكن لـ«الكونغرس»، أن يقرر إعادة فرض بعض العقوبات أو تعديل القانون المرتبط بالاتفاق لإلغاء ضرورة إبلاغ «الكونغرس» كل ثلاثة أشهر.

غير أن إعادة فرض سلسلة جدية من العقوبات على طهران لا تبدو أنها فرضية وشيكة في الوقت الراهن.

فالعقوبات، التي تستهدف طهران بسبب برنامجها النووي العسكري لم ترفع في الكونغرس إطلاقاً. ففي عهد الرئيس السابق باراك أوباما كما ترامب، علقت هذه العقوبات بموجب بنود محددة.

وهذه البنود المتعلقة خصوصاً بأهم النقاط في العقوبات مثل النفط، يفترض أن تمدد في نهاية الأسبوع والاسبوع المقبل.

وإذا لم يمدد ترامب تلك البنود، فإن العقوبات تطبق من جديد. ويمكن أن يفرض الرئيس الأميركي عقوبات جديدة بسبب الانتهاكات، التي تتهم طهران بارتكابها في مجال حقوق الإنسان ودعم مجموعات إرهابية.

لكن في حال عادت العقوبات الأميركية، التي خنقت الاقتصاد الإيراني لسنوات، فإن طهران قد تشكل شرخاً بين واشنطن وحلفائها التقليديين في أوروبا الذي أكدوا أنهم سيبقون على الاتفاق طالما أن طهران تحترم التزاماتها بتطوير النووي المدني حصراً.

وستعاني المصارف والشركات الأوروبية من العقوبات الأميركية التي ستؤدي إلى إغلاق السوق الأميركية في وجهها في حال ارتبطت بعلاقات تجارية مع إيران.

ضغط واحتجاجات

وتزامن الترقب لموقف ترامب من الاتفاق النووي مع مواصلته الضغط على طهران بملف حقوق الإنسان، وطالب «البيت الأبيض»، السلطات الإيرانية، أمس الأول، بالإفراج عن المتظاهرين، الذين تم اعتقالهم خلال الاحتجاجات التي عمت المدن الإيرانية.

وأكدت سكرتيرة «البيت الأبيض»، سارة ساندرز، في بيان «لن نظل صامتين بينما تقمع الدكتاتورية الإيرانية الحقوق الأساسية لمواطنيها، وسوف نحمّل زعماء إيران المسؤولية عن أي انتهاكات».

وقال «البيت الأبيض»: «تشعر إدارة ترمب بقلق عميق إزاء التقارير التي تفيد بأن النظام سجن الآلاف من الإيرانيين في الأسبوع الماضي لاشتراكهم في تظاهرات سلمية وتعرضهم للتعذيب أو القتل».

وتابع «الولايات المتحدة تدعو إلى الإفراج الفوري عن كل السجناء السياسيين في إيران، بمن فيهم ضحايا آخر حملة قمع».

وبينما تعلن السلطات الإيرانية انتهاء الاحتجاجات، خرجت دعوات لتظاهرة كبرى يوم غد الجمعة، كما تواصلت التجمعات من أجل المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين من سجين إيفين.