لا تنفك الحرب التي عصفت بلبنان على مدى سنوات طويلة تدغدغ مخيلة السينمائيين اللبنانيين، ومع مرور السنوات تتكشف جوانب خفية سواء إنسانية أو اجتماعية أو سياسية، حجبها دخان القذائف وأصوات الحقد والكراهية التي أججتها المؤامرات وأسهم بعض من في الداخل في تمريرها وتدمير البشر والحجر.

بعد فيلم «رصاصة طايشة» (2010)، يطلق المخرج اللبناني​ جورج هاشم​، فيلم «نار من نار»، وهو كما يدلّ عنوانه، يغوص في عمق الجحيم الذي لفّ لبنان الأرض والإنسان بفعل الحرب فغير المفاهيم والقناعات وقضى على القيم والمبادئ، فرافقت الخيانة الصداقة وحلّت الكراهية محل الحب، وصارت النظرة إلى الآخر جامدة تتحكّم بها المصالح.

Ad

أندريه ووليد صديقان عاشا ظروف الحرب اللبنانية وجمع بينهما شغف بالسينما لكن ما لبث أن فرّق بينهما عشق امرأة واحدة، أميرة زوجة وليد التي خانته مع صديقه أندريه، ما أدى إلى فراق الصديقين سنوات طويلة إلى أن التقيا مصادفة في باريس، خلال العرض الأول لفيلم من إخراج وليد يحكي فيه خيانة زوجته له مع صديقه أندريه، من دون أن يدري أن الأخير سيكون حاضراً في العرض الأول، إلا أن هذا اللقاء لم يقربهما بل فرقهما من جديد إلى الأبد.

يستوحي جورج هاشم مناخات الحرب الأهليّة، لنسج مثلث علاقات مأزوم بين زوجين وصديقهما المشترك، ويصور فيه الرغبات المكبوتة والمشاعر المنطلقة من الأنا التي تقضي على معاني الصداقة، في مجتمع يسوده غليان مستمر وتمزقه الأحقاد، ويرفع الأخ سلاحه بوجه أخيه. وقد أراد المخرج من خلال الشخصيات الثلاث في الفيلم أن يختصر قصة الحرب اللبنانية التي خان الأخوة في المواطنة بعضهم بعضاً للحصول على السلطة.

استمرّ العمل على الفيلم نحو ثلاث سنوات وتمّ التصوير على مراحل بين لبنان وفرنسا، ويشارك فيه ممثلون من لبنان وفرنسا والجزائر واليونان من بينهم: وجدي معوّض، وفادي أبي سمرا، وعديلة بن ديمراد، ورودريغ سليمان، ورامي نيحاوي. الموسيقى لزاد ملتقى، ومدير التصوير أندرياس سينانوس الذي صوّر معظم أفلام المخرج اليوناني الكبير تيو أنغلوبّولوس.

يراهن المخرج جورج هاشم على فيلمه الجديد ويطمح إلى أن ينتشر في الخارج. كان العرض الأول العالمي له ضمن «مسابقة المهر للفيلم الطويل» في مهرجان دبي السينمائي الدولي بدورته الـ13.

جورج هاشم

مخرج وممثل مسرحي تخرج في كلية الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية، وحاز شهادة الإخراج السينمائي في معهد لوي لوميير في فرنسا. استقرّ في لبنان عام 2006 حيث أشرف على تأسيس قسم الدراسات السمعية البصرية في الجامعة الأنطونية وإدارته. له أعمال مسرحية آخرها «الواحدة والأُخرى في تشرين» للكاتبة تريز عوّاد بصبوص. كتب وأخرج فيلماً روائياً قصيراً بعنوان «قدّاس عَشيّة» (2009)، وأتبعه بفيلمه الروائي الطويل الأوّل «رصاصة طايشة» (2010).

«رصاصة طايشة»

في أثناء الحرب الأهلية اللبنانية في منتصف السبعينيات، تستعد نهى للزواج من جان الذي لا تحبه، امتثالاً لرغبة أهلها، وتفضل عليه جوزيف الذي تحبه، وفي أثناء لقائهما في سيارته، في إحدى الضواحي النائية، يقتله عناصر في إحدى الميليشيات، فتشعر نهى بصدمة، وتقرر التمرد، ما يثير مشاكل بينها وبين أهلها.

«رصاصة طايشة» سيناريو وحوار جورج هاشم وإخراجه، يشارك في التمثيل: نادين لبكي، ورودريغ سليمان، وباتريسيا نمور، ونزيه يوسف، وبديع أبو شقرا وهند طاهر. نال «المهر الذهبي لأفضل فيلم عربي» في الدورة السابعة من «مهرجان دبي السينمائي الدولي».