حضر المخرج جورج نصر (90 عاماً) شخصياً عرض فيلمه «إلى أين» الذي جرى ترميمه بمبادرة من شركة «أبوط برودكشنز» (Abbout Productions) للإنتاج و«مؤسسة سينما لبنان» و«نادي لكل الناس». وكانت عُرِضَت النسخة المرمَمَة للمرة الأولى في مايو 2017 ضمن تظاهرة «كانّ للأفلام الكلاسيكية» (Cannes Classics) في الدورة السبعين من المهرجان.

وتحدّث نصر قبيل بدء عرض الوثائقي والفيلم، فشكر «أبوط برودكشنز» وكلّ من أسهموا في ترميم الفيلم، وقال: «إنها فرحة كبيرة لي أن يُعرَض الفيلم بعد 60 سنة في صالة لبنانيّة لجمهور لبناني»، علماً بأن عروضه المحلية عام 1957 اقتصرت على نطاق ضيق ولفترة محدودة جداً. وروى المخرج في الوثائقي ظروف ما وصفه بـ«مَنْع» فيلمه آنذاك.

Ad

«نصر»

كذلك وصف نصر بـ«العمل الجيّد» الوثائقي «نصر» الذي أخرجه كل من أنطوان واكد وبديع مسعد، ويتناول مسيرة عمله والمعارك التي خاضها لإيجاد صناعة سينمائية في لبنان. وقال: «مضى عليّ في التعليم 25 عاماً. وأوّل درس قدّمته قلت فيه لطلابي إنّ السينما لا تسامح، فمن يريد خوض غمارها، يجب أن تمرّ في أصغر شريان في جسمه». وأضاف: «كنت أنصحهم بألاّ يقبلوا أي فيلم إذا لم يكونوا مقتنعين به، لأن النتيجة لن تكون فيلماً جيداً إذا لم يحبّوا موضوعه».

وروى مسعد أن «العمل على الفيلم الوثائقي استغرق نحو ثلاث سنوات بسبب صعوبة الحصول على المواد الأرشيفية وترميمها». أما واكد فقال إن «هذا الوثائقي يروي قصّة جورج نصر ولكن بطريقة ما يروي سيرة السينما اللبنانيّة».

وكان شريط «نصر» حصل في 30 نوفمبر الفائت على جائزة صلاح أبوسيف لأحسن إسهام فني من مسابقة «آفاق السينما العربية» ضمن الدورة الـ39 من مهرجان القاهرة السينمائي.

إلى أين؟

أنتج جورج نصر فيلمه الأول «إلى أين؟» (1956)، الذي سلّط الضوء على معاناة المهاجرين اللبنانيين إلى أميركا والبرازيل، والظروف المأساوية التي يعيشونها. تمّ التصوير في منطقة درعون – حريصا بلبنان، ووضعت اللمسات الأخيرة عليه في أحد الاستوديوهات الفرنسية، حيث شاهده أحد المخرجين الفرنسيين، فأعجب به وتحدّث عنه إلى لجنة «مهرجانات كان»، وهكذا أدرج الفيلم في المهرجان وصنّف بين الأفلام الثلاثة الأولى (1957)، وأدرج لبنان، للمرة الأولى، على الخريطة السينمائية العالمية.

نصر في سطور

ولد في 15 يونيو 1927 في طرابلس، وأتمّ دراسته الابتدائية والتكميلية والثانوية في مدرسة الفرير - طرابلس، وتخرّج فيها ببكالوريا تجارية، وتوجّه إلى دراسة المحاسبة. ومع ذلك كان شغفه بالسينما واضحاً، فقد كان يشاهد نحو ثمانية أفلام في الأسبوع، هذا الشغف ما لبث أن حدّد له مساراً جديداً في ما بعد. اتجه إلى التخصّص في الهندسة المعمارية عبر المراسلة مع معهد American school of Chicago، وبعد سنتين (1948) قصد الولايات المتحدة الأميركية، وتحديداً ولاية شيكاغو لمتابعة دراسته في المعهد نفسه، لم يوفّق، فهذا المعهد يعتمد التعليم بالمراسلة فحسب.

قصد مدينة لوس أنجليس بحثاً عن جو مشمس لمتابعة اختصاصه، وهناك، أحدثت المصادفة تحوّلاً أساسياً في مسيرة حياته، إذ انتقل من الهندسة المعمارية إلى الإخراج السينمائي.

درس أربع سنوات في جامعة University of California in Los Angelos-ACLA، وحاز الإجازة عام 1954 بتفوّق. أما فترة التدريب فكانت بين استوديوهات هوليوود، والاستوديوهات الفرنسية. وفي تلك الأثناء أتيحت أمامه فرصة العمل مع فريق أنتاج للسينما والتلفزيون في الخارج، لكنّه فضّل العودة إلى الوطن الجميل (1955)، وفي باله حلم كبير: تأسيس سينما في لبنان. إلى جانب «إلى أين» صوّر فيلم «المطلوب رجل واحد» من إنتاج نقابة الفنانين السوريين، ذلك في منطقة كسب السورية على الحدود التركية. ومثّل العمل سورية رسمياً في كل من مهرجاني موسكو وقرطاج.