لفت انتباهي كتاب عنوانه "ديوان الزنادقة"، فأمضيت وقتاً في مطالعته باحثاً أولاً فيه عن معنى الزندقة، فلم أعثر على تعريف لها، فلجأت إلى قواميس اللغة وعرفت أن "زندقة" و"هرطقة" مصطلح عام يُطلق على حالات كانت سائدة قبل الإسلام عند أتباع ديانات متعددة.

وزنديق كلمة فارسية كانت تُطلق في زمن العباسيين على الذين يخالفون السائد، والذين يمارسون المجون، وهناك أسماء اشتُهرت في التاريخ بزندقتها ومجونها كابن الراوندي، وابن المقفع، وبشار بن برد، وصالح عبدالقدوس، وحماد بن عجرد، وحماد الراوية، ويضاف إليهم أبونواس، الذي تاب إلى ربه في سنواته الأخيرة.

Ad

• ليس بالضرورة أن تهمة الزندقة كانت تشمل من عُرفوا بزندقتهم، فهناك من لم يكونوا زنادقة، ولكن لأسباب سياسية أو أسباب أخرى، أُحرقوا وشنقوا ودقت أعناقهم بهذه التهمة التي راح ضحيتها بعض من شهدت لهم أعمالهم بالتقى والورع والإيمان.

***

• توزعت مأثورات الزنادقة النثرية في كتب متناثرة كالذي كتبه ابن الراوندي وغيره، ولم يبق فيها سوى شذرات متناثرة جمع البعض منها د. عبدالرحمن بدوي في كتابه "من تاريخ الإلحاد في الإسلام"، ليفندها بطريقة أكاديمية.

• أما الأشعار فقد بقي الكثير منها عرضة للحذف والبتر منذ التاريخ القديم حتى وقتنا الراهن!

وقد حذرني مسؤول الصفحة الأخيرة في "الجريدة" من عدم الإتيان على ذكر ما يخالف العقيدة، عندما أخبرته بنيتي الكتابة عن هذا الموضوع، ولهذا تجاوزت عن الكثير من الأشياء والأشعار التي ذكرها التاريخ، مع أنني كنت أتمنى دراسة الظروف الموضوعية التي قيلت فيها تلك الأشياء والأشعار، لكنْ للضرورة أحكام!

ولا أنسى أن سياسة الحجر على الفكر قامت بمنع طباعة كتاب "ألف ليلة وليلة" في مصر، باعتباره يذكر صراحةً ما يمنعه الرقيب في وقتنا الراهن...!