في وقت تواصلت التظاهرات الاحتجاجية على الضائقة الاقتصادية والبطالة والغلاء والفساد، أعلن التلفزيون الرسمي الإيراني أمس مقتل 12 شخصاً في الاحتجاجات المستمرة منذ عدة منذ أيام، بينهم 10 سقطوا عقب خطاب الرئيس حسن روحاني مساء أمس الأول، واعترافه بحق المتظاهرين في التعبير عن رأيهم.

وبعد ساعات على مقتل متظاهرين اثنين، خلال صدامات الحد في مدينة إيذج جنوب غربي إيران، أكد التلفزيون أن "محتجين مسلحين حاولوا الاستيلاء على مخافر للشرطة وقواعد عسكرية، إلا أنهم واجهوا مقاومة شديدة من قوات الأمن".

Ad

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي هجوم محتجين على مراكز للشرطة، ومحتجين آخرين يتظاهرون بشكل سلمي ويحيّون عناصر الشرطة.

وقال محافظ لورستان، ماشاءالله نعمتي، إن "محتجين أحرقوا عدداً من الممتلكات العامة في مدينة دورود، ليل الأحد، وأخمدت سيارات الإطفاء الحريق في أحد المصارف، وعند عودة إحدى سيارات الإطفاء إلى مقرها هجم عليها بعض المتظاهرين، وانتزعوها من رجال الإطفاء، وداسوا بها بعض المتظاهرين الآخرين، ما أدى إلى مقتل شاب وصبي آخر في الرابعة عشرة من عمره في ميدان وحدت في المدينة".

توسع الاحتجاجات

ورغم تهديد الأمن باعتقال المحتجين، وتحذير وزير الداخلية بمواجهة التظاهرات وطلب الرئيس روحاني للتهدئة، توسعت الاحتجاجات خلال الساعات الماضية، وانضمت إليها مدن صغيرة للمرة الأولى بعد أربعة أيام من انطلاق شرارتها في مشهد.

وشهدت مدن أخرى، ولاسيما كرمنشاه (غرب) وشاهين شهر (قرب أصفهان)، وتاكستان (شمال)، وزنجان (شمال)، وايذج (جنوب غرب) تظاهرات محدودة، وأظهرت فيديوهات نشرتها وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي تعرّض مبان عامة، ومراكز دينية، ومصارف ومراكز الباسيج لهجمات.

كما هاجم المتظاهرون سيارات تابعة للشرطة وأضرموا فيها النيران.

وأظهرت مقاطع مصوّرة متظاهرين يهاجمون مباني عامة منها مراكز دينية، ومصارف تابعة للباسيج (القوات شبه العسكرية المرتبطة في الحرس الثوري) أو يضرمون النار بسيارات الشرطة.

وفي العاصمة، أطلقت الشرطة القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه، لتفريق مجموعات صغيرة من المتظاهرين الذين أطلقوا شعارات ضد الحكم في حي جامعة طهران.

ووقعت اضطرابات في مدن نوراباد ودورود وخوراماباد، وأوقفت السلطات "مسببي الاضطرابات"، حسب ما أعلن مسؤول محلي. وأوقف 200 متظاهر في العاصمة، وأوقف 200 غيرهم في مدن أخرى، وفق وسائل الإعلام المحلية.

تجاوز المرحلة

في المقابل، قلل روحاني خلال اجتماعه برؤساء اللجان التخصصية في البرلمان، أمس، من أهمية الأحداث، وأكد أن إيران ستتجاوز هذه المرحلة بسهولة.

وقال: "المسألة باتت اليوم تمس النظام والثورة والمصالح الوطنية والأمن القومي واستقرار إيران والمنطقة"، مشيرا إلى أن جميع المتظاهرين ليسوا مدعومين من الخارج.

ودعا روحاني إلى تحويل ما حدث خلال الأيام الماضية إلى فرصة لحل المشاكل. وأضاف: "العدو غاضب من عظمة الشعب الإيراني ونجاح وتطور إيران. الانتقاد والاحتجاج فرصة وليس تهديدا، والشعب بنفسه سيرد على مخترقي القانون ومثيري أعمال الشغب".

واتهم روحاني الولايات المتحدة وإسرائيل بتحريض بعض المتظاهرين على الانتقام من إيران، مشيرا إلى أن "العدو قالها صراحة إنه سينقل المعركة إلى داخل إيران".

وتابع أنه من حق المواطنين الاحتجاج، لكن يجب أن يكون بالوسائل القانونية، داعيا في الوقت ذاته إلى الوحدة الوطنية بين البرلمان والحكومة، والسلطة القضائية، والقوات المسلحة.

كما حذر الرئيس الإيراني بأن الشعب "سيرد على مثيري الاضطرابات ومخالفي القانون". وقال إن "أمتنا ستتعامل مع هذه الأقلية التي تردد شعارات ضد القانون وإرادة الشعب، وتسيء إلى مقدسات الثورة وقيمها"، مضيفا أن "الانتقادات والاحتجاجات فرصة وليست تهديداً".

مساحة للنقد

وأمس الأول، خرج روحاني عن صمته، مقرّاً بضرورة منح السلطات مواطنيها "مساحة للانتقاد"، ومحذّراً المتظاهرين من أي أعمال عنف.

وردّ روحاني على تعليقات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقول: "لا يحق للرئيس الأميركي التعاطف مع المحتجين الإيرانيين، بعدما وصف قبل بضعة أشهر الأمة الإيرانية بأنها إرهابية". وأضاف "هذا الرجل الذي يقف بكليته ضد الأمة الإيرانية لا يحق له أن يشفق على شعب إيران".

بدوره، قال وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي، إن "أطرافا خارجية" وصفها بـ"الأعداء"، تسعى لجعل إيران بلدا مضطرباً وغير آمن.

وأوضح أنه "بالإمكان متابعة المطالب من خلال الاحتفاظ بالهدوء والأمن والنظام"، موضحاً أن "الشعب العظيم دلل خلال العقود الأربعة الماضية أنه ملتزم على الدوام بالأساليب القانونية في متابعة نيل حقوقه المشروعة".

البيت الأبيض

وفي واشنطن، أعلنت الناطقة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز تأييد الإدارة الأميركية الكامل للمتظاهرين في إيران، وحق الشعب في التعبير عن آرائه سلمياً، ويجب أن يسمع صوته.

وحذرت ساندرز من قمع هذه الاحتجاجات قائلة: "نطالب جميع الأطراف بالدفاع عن هذا الحق الأساسي في التعبير السلمي، وتجنب أي عمل يساعد على فرض الرقابة عليها".