مع استمرار التوتر بين الولايات المتحدة وشمال كوريا يتزايد الكلام يوماً بعد يوم من السياسيين والمحللين على التلفزيون بأننا على شفير حرب، وفي الحقيقة لسنا أبداً قريبين منها. هذه الحرب الكلامية الحامية- بما فيها الكلام السائب حول احتمال نشوب حرب- لا تقربنا من الموقع الذي ينبغي أن نكون عليه مع كوريا الشمالية، خصوصاً حين تكون الخيارات العسكرية غير الحرب مطروحة على الطاولة، وفي الحقيقة وبوجود حياة الملايين في خطر، فإن شن حرب كلامية ليس إلا مجرد عملية إلهاء تبعدنا عن مهامنا الجدية المطلوبة، ولا ينبغي أن تكون أي حرب- خصوصاً النووية منها- خياراً قبل استنفاد كل الوسائل والخيارات الأخرى. وفي حالة كوريا الشمالية لدينا طرق كثيرة نسلكها ولم نستكشفها بعد:

أولاً، لم نقم بعد باستنفاد كل العقوبات مع كوريا الشمالية كما يدّعي البعض، فنحن بعيدون كل البعد عما نمارسه معها من عقوبات مقارنة بإيران، الأمر الذي جرّ بالأخيرة الى طاولة المفاوضات، ولا شكّ أنّ مجموعة العقوبات التي فرضناها على كوريا الشمالية حتى تاريخنا هذا أقل بكثير من تلك التي فرضناها في الأزمات السابقة على كل من روسيا وسورية وإيران، ومع أننا شهدنا تصعيداً واضحاً لعقوباتنا على كوريا الشمالية، ما زلنا نحمل بيدنا ورقة فرض العقوبات أو حجز ممتلكات المتعاطفين والمتعاملين مع كوريا الشمالية في البلدان الأخرى، والتي تسمح لبيونغ يانغ بالتهرب من تبعات الإجراءات المالية.

Ad

فيمكننا مثلاً أن نركز على الشحن، فنعمل مع حلفائنا لمنع البواخر المنطلقة من كوريا الشمالية وإليها من الحصول على التأمين البحري، وفي الشهر الماضي استهدفنا 20 باخرة بعقوبات من هذا النوع، فهناك عدد كبير من سفن كوريا الشمالية التي تنشط في عملياتٍ غير شرعية، ولا شك أنّ عددها أكبر بكثير مما هو مذكور من خزانة المالية لدينا، ويمكننا كذلك بذل المزيد من الجهود للكشف عمن يستخدمون اليد العاملة من كوريا الشمالية لوقف إرسال أي عائدات إلى نظام كيم جونغ أون.

ثانياً، لا يمكن الوصول إلى أي نتيجة تذكر من دون ضغوط إضافية لوضع الحكومة الصينية المترددة أمام مسؤولية الوفاء بالتزاماتها باستهداف الكيانات الصينية التي تدعم حكومة كوريا الشمالية.

وإن غالبية تجارة كوريا الشمالية وتحديداً 90% منها هي مع الصين أو بتسهيل منها، وعلى الرغم من العقوبات المتفق عليها في الأمم المتحدة ما زالت معظم النشاطات الاقتصادية هذه مستمرة، فينبغي اتخاذ إجراءات تستهدف عدداً أكبر من المصارف الصينية المتعاملة مع كوريا الشمالية، وذلك عبر محاربة هذه المصارف وتجميد أصولها في الولايات المتحدة.

وهذه السنة تحركت شبكة المعاملات المصرفية الدولية لمنع مصارف كوريا الشمالية من استخدام نظام التراسل الدولي لتسهيل تبادلاتها الدولية، إلا أنّ هذا الإجراء لا يطول المصارف الصينية التي تقوم بالتبادلات المالية لمصلحة كوريا الشمالية؛ لذا ينبغي توسيع إطار هذا الحظر بحيث يشمل المصارف الصينية التي لها أي صلة مع كوريا الشمالية.

أخيراً ينبغي أن نطرح السؤال التالي على أنفسنا: أين هم حلفاؤنا في كل هذه المعمعة؟

بدلاً من التهويل بقيام حرب ثنائية بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية علينا أن نعمل مع حلفائنا، بما فيهم كوريا الجنوبية واليابان، على التهديد بزيادة الضغط المتعدد الأطراف لتضييق الخناق على كوريا الشمالية، وفي حين لم تبرهن العقوبات الاقتصادية عن فعاليتها بعد فإننا لم نستنفدها بالكامل أو نختبر كل طرقها ووسائلها، ولعل أهم سبب لقدرة الإدارة السابقة ونجاحها في جرّ إيران الى طاولة التفاوض كان تنسيق العقوبات دولياً، ولحسن الحظ تبنى مجلس الأمن هذه السنة ثلاث جولات من العقوبات المماثلة بما فيها سلسلة من الإجراءات الجوهرية التي اتخذت في الأسبوع الفائت.

وبوجود حياة ملايين البشر على المحك فإن آخر ما نحن بحاجة إليه هو أن نكون أمام سياسيين ومحللين يتنبؤون باحتمالات نشوب حرب فتاكة، فتلك ليست طريقة دقيقة أو مفيدة لمعالجة تحدٍّ دولي بالغ التعقيد.

* حاكم أوهايو جون كازيتش

* «واشنطن بوست»