فرحة الكويتيين برفع الإيقاف وعودة الأزرق لمشاركة أشقائه في بطولة الخليج الغالية تجلت في أبهى صورها في استاد جابر بالحضور وتشجيع المنتخب رغم معرفة الجمهور بأثر هذا الإيقاف على جاهزية الفريق وبالنتائج المتوقعة، لذلك بدأت بكتابة المقال قبل انطلاق صافرة الحكم كي لا يأخذني الحماس، وأحمل أبناءنا اللاعبين فوق طاقتهم مع دعائي لهم بالتوفيق.

عودة إلى مقال سابق "من الرياضة تمر السياسة" 12 أغسطس 2016 تناولت فيه الصراع الرياضي وكيف تحولت الأهداف السامية والجميلة إلى ساحة لتصفية الحسابات، وإلى قضية كان الطرف الخاسر فيها الرياضة الكويتية التي عانت بسبب هذه العلاقة المشبوهة، وأن "من الصعب فك ارتباط الرياضة عن السياسة كما هي حال الدين مع السياسة، فكل واحدة تستغل الأخرى، أو هكذا هي الحال في الكويت بسبب كثرة تداخل المنافع والمصالح، لذلك لم يكن طريق الحل لهذا الملف إلا من خلال توافق أطراف النزاع، وغير هذا الكلام "ماخوذ خيره"، وبطولات وهمية لن تغير من قرار وقف الإيقاف شيئاً". نتائج رفع الإيقاف عن الأزرق يجب أن تدرس لتشمل كل الأنشطة الرياضية، فالقضية ليست مرتبطة بالفوز في بطولة الخليج، إنما في معالجة مواقع الخلل التي كانت وراء تراجع الرياضة في الكويت، وفي فترة ما قبل الإيقاف، وذلك من خلال بحث الآليات التي من شأنها صناعة الرياضة، ومن ثم توفير المناخ اللازم لها، فالرياضة لم تعد هواية ولا طريقا وحيدا لشغل أوقات الفراغ، إنما هي استثمار حضاري واقتصادي وبوابة لصنع الأمجاد.

Ad

حدثني أحد الرياضيين من أبطال سلاح المبارزة عن معاناته المرتبطة بالإيقاف، وهو الحاصل على بعض الميداليات الفضية والبرونزية في البطولات العربية والآسيوية، وعن وصوله إلى الأدوار قبل النهائية لكأس العالم الأخيرة له قبل قرار الإيقاف، وعن الفرص التي ضاعت عليه وعلى زملائه من اللاعبين، حيث يظل تساؤله المشروع عمن يعوضها لهم؟

قانون الرياضة الذي أقره مجلس الأمة آمل أن يكون الأخير في إصلاح ما أفسدته تجاذبات عالم السياسة، وأن يصب في مصلحة الرياضيين، فالموضوع لم يعد مرتبطاً بمعاناة الشارع، ولكن في كيفية تأهيل وتطوير الرياضة الكويتية ووضعها على خريطة المنافسات الدولية والقارية.

موضوع تطوير الرياضة الكويتية وصناعة النجوم ما زال يدور في فلك السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، والأندية الكويتية تتنافس بأسلوب تقليدي لغياب معايير المنافسة الحقيقية وفلسفة دعم بقية الرياضات، ومنها على وجه الخصوص الألعاب الفردية، لذلك من الضروري أن تتبنى هيئة الرياضة بالمحافظات إنشاء مراكز تدريب وأكاديميات متخصصة للناشئين، ومن أعمار مبكرة تمد الأندية باللاعبين الموهوبين، وبذلك تخفف الأعباء المالية والإدارية عن الأندية، وما يترتب عليها من خلق فرص للموهوبين ومشروع أبطال.

منطلقات الرياضة في العالم تغيرت، وأصبحت جزءا من التنمية الاقتصادية والرفاهية الاجتماعية؛ لذلك تعميم فكرة الرياضة للجميع مسؤولية مجتمع، أما صناعة النجوم فهي من مهام الأندية وهيئة الرياضة.

ودمتم سالمين.