ليتك تدرك ماذا فعل سوء صنيعك هذا؟!

هي ضارة فعلاً، لكن منافعها لم تكن تخطر حتى على بال المتضررين أنفسهم، فرغم كل الهزائم المزمنة في عالمنا العربي جاء قرارك ليطرح علينا السؤال:

Ad

ماذا لدينا بعد لنخسره؟!

نعم نعترف: إننا كنا عراة سياسياً أمام سياساتكم الحافلة بالدسائس والحروب والإجرام!... فسياساتكم:

• ذات المكاييل المتعددة!

• التي تضع مصلحة إسرائيل في أولوياتها!

• والحريصة على هيمنتها على كل ثروات بلداننا!

وجاء الجواب عن السؤال: قد نكون خسرنا الكثير على أيدي من يقودون سياساتنا أمامكم... لكنك بقرارك المتعلق بالقدس قد أزحت الرماد عن كل ما تحته من نيران جحيم تؤجج النفوس التي استفاقت بهذا الطوفان من بعد ركود طال أمده، فها هو عالمنا العربي والإسلامي بما يقوم به متضامناً واقفاً بوجه قرارك يقول لك: إن للشعوب كرامات أكبر بكثير من المزايدات السياسية التي درجت دولتك بلعبها مع قادة المنطقة!

***

• ترامب العزيز:

الإنسان العربي أرهقته متابعة القضية الفلسطينية، لأنكم بألاعيبكم قد جعلتموها لا تحتل مكان الأولوية في حياته، مثلما كانت في عقودها الأولى، ونجحتم في استمالة نفوس دنيئة ممن يجهرون بالاعتراف بالأمر الواقع والتطبيع، وهناك من اخترعوا أعداء أخطر من إسرائيل في المنطقة... إلخ... لكن قراركم أثبت لهؤلاء جميعاً عرباً ومسلمين أن القدس ليست كالمدن كلها، ليست مجرد أجراس ومآذن، وأغنية لفيروز.

قرارك يا سيد ترامب إعلان صارخ يسلط الضوء على أنظمة استمرأت اضطهاد شعوبها، لدرجة أنك اتخذته بمعرفة البعض من هؤلاء القادة، بل هناك من باركوه، وإن شجبوه في بياناتهم الهزيلة!

فشكراً لك عزيزي ترامب لأنك أيقظت في هذه الشعوب روح الكرامة والعزة، وها هو مسؤول السلطة الفلسطينية تحت ضغط الشعب يلغي كل الاتفاقات مع إسرائيل!

بل إن اعترافك هذا -يا سيد ترامب- قد أطلق المارد من قمقم السكوت والخذلان والخوف الذي فرضته السياسات التي أيقنت أن ليس لشعوبها كلمة، ولكن ها هي الشعوب تصرخ في وجه من يريدون تهويد قدسهم!

• شكراً يا سيد ترامب لقرارك الذي أيقظ الجماهير بعد سبات طويل، واسمح لي أن أقتبس لك كلمة لكاتب جزائري يقول لك:

"شكراً -ترامب- أن نبهتنا أننا نعيش عصراً أنت فيه المسيطر، لكن لتعلم أننا أمة لا تلدغ من الجحر مرتين، ولكن العشرات من المرات قبل أن تستقيم، وان من صفعنا على خدنا الأيمن أحرقنا خده الأيسر، فبفضلك يا ترامب تغيّرنا كثيراً، ونسيت أن أذكرك يا سيد ترامب أن اليد الواحدة قد لا تصفق لكنها تصفع بعنف شديد...!".

***

• للأسف هناك من تقاعس عن الإسهام بدوره الوطني ولو بمظاهرة، فهؤلاء إما أن غُرر بهم وانساقوا وراء فكرة التطبيع، أو أنهم يخشون أن يعبروا عن آرائهم كي لا يتعرضوا لما لا تحمد عقباه. قد نعذرهم في الثانية، ولكن لا عُذر لهم في الأولى، وشكراً لشعب الكويت، وشعب البحرين، وللمواطن الوحيد الذي خرج بمفرده أمام السفارة الأميركية في بلاده رافعاً راية تقول: "القدس عاصمة أبدية لفلسطين!".