قدمت فرقة مسرح الشباب عرض"صالحة" تحت مظلة مهرجان الكويت المسرحي الـ 18 أمام حضور جماهيري كبير توافد على مسرح الدسمة يحدوه الأمل لمتابعة عرض مميز، ولعل السمعة الطيبة التي كونتها فرقة مسرح الشباب التابعة للهيئة العامة للشباب خلال السنوات السابقة كانت السبب المباشر في حرص قطاع كبير من المهتمين بالشأن المسرحي على مشاهدة نتاجهم في مختلف الفعاليات.

مسرحية "صالحة" من تأليف وإخراج أحمد العوضي، وشارك في بطولتها كل من سماح، علي الحسيني، عبدالعزيز بهبهاني، لولوة الملا، بدر الشعيبي، عبدالمحسن الحداد، ماجد العنزي، دعيج جمعان، صباح جمعان، عذبي جمعان، خالد العبيد، عبدالعزيز الدوسري، إضاءة فيصل العبيد، ديكور محمد الرباح، أزياء ابتسام الحمادي، مساعد مخرج مريم نصير.

Ad

قبل الدخول في تفاصيل العمل، سأتوقف عند فخ المؤلف المخرج، الذي قلما يجتازه فنان، وأزعم أن العوضي في "صالحة" استطاع أن يتعامل مع العمل بشخصيتين مختلفتين، كتب النص بحنكة؛ ثم انسلخ من شخصية الكاتب ليتعامل كمخرج ويترجم الفكرة بصرياً ببراعة، مستخدماً ثيمة التراث واللعب على الثنائيات، استطاع أن يجبر الجميع على متابعة عمله، الذي يطرح سؤالاً فلسفياً من خلال حكاية اجتماعية وهو "هل الإنسان مسير أم مخير؟ " واشتغل العوضي على جميع عناصر العرض المسرحي وخلق حالة من التناغم والتكامل، ليقدم لنا وجبة دسمة، تفاعلنا، ضحكنا، بكينا، ترقبنا مصائر الشخصيات التي تقاطعت في مواضع عدة، ووقفنا جميعاً لتحية هذا الفريق المميز بنهاية العرض.

الزواج بالسر

وبين المزار والقبر، تدور أحداث المسرحية حول قضية الزواج السري، وما يخلفه من مآسٍ من خلال قصة شاب يتزوج من فتاة سراً، لكنه يرفض حملها ويطالبها بالتخلص من الطفل، ليصطدم برفضها وتتوالى الأحداث إلى أن تضع الفتاة طفلها وتتخلص منه بأن تلقيه أمام أحد الأماكن، الذي بدا كأنه مزار دون تحديد المكان، هناك ينشأ في كنف صالحة تلك المرأة، التي احتار الجميع فيها وتدور الأحداث ويقفز بنا المخرج من فترة إلى أخرى؛ لتتزوج الأم ويكتشف زوجها وجود ابنها، ويلجأ إلى قتلها للتخلص من عارف، وتمضي الحياة إلى أن يتواجه الأبن مع زوج الأم في لعبة الانتقام، "صالحة" صراع محتدم على درب الحياة المليئة بالعثرات.

مقومات النجاح

على مستوى الرؤية الإخراجية، اشتغل العوضي على عنصر التمثيل أحد أهم مقومات نجاح أي عمل مسرحي لاسيما أنه يمتلك أسماء استطاعت أن تحدث الفارق، الفنانة سماح، التي أدت الشخصية ببراعة إلى أنها انهمرت في البكاء عقب العرض والفنان علي الحسيني، الذي يتمتع بلياقة كبيرة وقدرة على الانتقال من حالة إلى أخرى، بينما في رأي أن "صالحة" أعادت اكتشاف العديد من الأسماء لاسيما بدر الشعيبي ولولوة الملا وعبد العزيز بهبهاني، هذا التناغم في الأداء والحركة يؤكد على اشتغال المخرج على الممثلين.

بينما يمكن الحديث عن السينوغرافيا من زوايا عدة بداية من الديكورات، التي كانت بسيطة غير أنها معبرة لاسيما أن المخرج اعتمد على المسرح الفقير، الذي يلفه السواد موظفاً قطعتين من الديكور إحداهما تمثل المزار والأخرى القبر، بينهما دارت الأحداث وتنقل الممثلون وفق حركة طقسية في مثلث، أيضاً الأزياء كانت جزءاً من تركيبة كل شخصية ويعتبر المكياج أحد أبرز نقاط الضوء في العمل ولو خصصت جائزة مستقلة لأفضل ماكيير لذهبت لعرض "صالحة" اما الإضاءة فاتسمت بالدقة، وكانت على هيئة حزم بينما الموسيقى والمؤثرات فسارت في اتجاهين الأول الحديث والثاني التراثي الذي يعتمد على بعض الفنون الشعبية.

ويبقى أن المؤلف والمخرج العوضي اشتغل على لعبة الثنائيات في أكثر من موقع، فنحن أمام لغة ثنائية على خشبة المسرح بين الفصحى والمحلية في العديد من المشاهد وعلى مستوى الحدث اشتغل أيضاً على مستويين مستغلاً الجزء العلوي من خشبة المسرح، أما من ناحية التمثيل وظف ثنائية الرجل والمرأة، ومن ناحية الحد كان الصراع الثنائي بين الخير والشر والخوف والأمان والقبر والمزار.