يستنكر المخرج والسيناريست تامر محسن تدشين اللجان الدرامية عموماً، وهو أمر أصبح جزءاً من ثقافتنا العربية كما يرى، مواصلاً: «عندما أسمع خبر تشكيل لجان أتحسس مسدسي، لأن أية لجنة لم تنجز المرجو منها». ويعرب عن اندهاشه ممن يروجون توصيف «الفن الهادف»، مشيراً إلى أن منظومة القيم «نسبية ومطاطة»، والفن لا يقدم أمراً إيجابياً بشكل مباشر، لكن يعرض رحلة معقدة من الأحداث تؤثر في وعي المتلقي ووجدانه. مثلاً، ما نشأ عليه أجدادنا من قيم وعادات لا يناسب آباءنا، وما تربينا نحن عليه لن يناسب أطفالنا في شبابهم وهكذا، ضارباً مثلاً فيلم «دعاء الكروان» والذي لو نظرنا إليه من منظور ضيق سنراه يدعو إلى الفسق، إذ تدور أحداثه حول بطلة تحاول إغواء البطل للانتقام منه بسبب شقيقتها التي اعتدى عليها وكان سبباً في موتها، ولكنه في سياقه الطبيعي عمل فني غاية في الجمال».

ويدلل محسن على ما أشار إليه سلفاً، متسائلاً حول واحدة من عادات وتقاليد الريف وهي «ختان الإناث»، فهل إذا تناوله عمل فني على أنه أمر مألوف في بيئة الريف والصعايدة سيكون هادفاً أم هداماً، خصوصاً أن الختان الآن يعتبر جريمة.

Ad

ويستبعد محسن أن يقوم الصانعون برد فعل تجاه اللجنة سواء كان ترحيباً أو غضباً، قائلاً: «سنكون معها في خطين متوازيين ولن نلتقي، فللجمهور التقييم والحكم، إذ أصبحنا في عصر ثورة التكنولوجيا وليس بإمكان أحد أن يخفي أي شيء».

ويقترح محسن حلولاً أخرى غير تدشين اللجان للحفاظ على الصناعة وتطويرها من بينها دخول الدولة مجدداً إلى قطاع الإنتاج الدرامي كما في السابق، من خلال تقديم منتج يرى القيمون على الدولة أنه يتناسب مع العادات والتقاليد المصرية.

التصنيف العمري

المؤلف هشام هلال أيضاً غير متفائل بفكرة تشكيل لجنة تتعلق بالفن، لا سيما أن «البيروقراطية» تشوبها، ويصفها بأنها ترمي بالفن عرض الحائط، مؤكداً أن اللجان المشابهة التي شُكلت سابقاً لم تقم بأي تطوير.

ويشير هلال إلى أن الحفاظ على الآداب العامة موجود من خلال تصنيف الأعمال العمري وفقاً للموضوعات أو طريقة التناول، محذراً من أن تستخدم هذه اللجنة في المنع وتقييد حرية الإبداع.

وترى الناقدة الفنية خيرية البشلاوي أن تطوير صناعة الدراما يرتبط بحجم الإنتاج وشكله، وكيف يكون سخياً لخدمة الدراما. كذلك البحث عن نصوص جيدة واكتشاف كتاب ومخرجين جدد لإثراء الساحة وغيرها من آليات العمل وليس مجرد لجنة، معربة عن عدم تفاؤلها بتشكيل اللجنة الجديدة قائلة: «لو كانت اللجان السابقة نجحت في تحقيق أهدافها لنجحت هذه».

من جهتها، ترى الناقدة الفنية ماجدة خيرالله، أن ثمة جهازاً للرقابة على المصنفات الفنية، وإذا أجاز عملاً فنياً ما فهذا يعني موافقة ضمنية على أنه يتماشى مع المجتمع، مؤكدة أن أجواء المنع والرقابة كانت تصلح في ستينيات القرن الماضي وسبعينياته، ولكن ليس الآن في ظل توافر التطور التكنولوجي الذي أتاح كل ممنوع.

وتتساءل خيرالله: «من سيلتزم بقرارات هذه اللجنة؟ وما هي آليات التنفيذ؟»، متابعة: «من المعيب أن يشارك في هذه اللجنة مخرجون ومبدعون مؤمنون بحرية الإبداع التي كفلها الدستور».

وتطالب خيرالله بألا يلتفت صانعو الدراما إلى مثل هذا القرار، لا سيما أن قضاء الدولة طالما انتصر لأعمال مُنع عرضها وأفرج عنها مثل «حلاوة روح»، مؤكدة أن كل فن اقتنص مساحة من الحرية لن يتراجع عنها؟

رئيس اللجنة

يقول رئيس اللجنة المخرج محمد فاضل إن الأخيرة لم تجتمع بعد لاستكمال تشكيل أعضائها، مشيراً إلى أن الهدف منها تطوير الدراما، وهي لن تحل محل جهاز الرقابة على المصنفات الفنية.

ويضيف لـ«الجريدة»: المجلس بحسب قانونه ينظِّم العمل الإعلامي والمفترض أن الفن ضمن أدوات العمل الإعلامي، من ثم لا أستطيع أن أعبر عن رؤيتي قبل الانتهاء من تشكيل اللجنة وبقية أعضائها ووضع تصورات حول عملها»، موجهاً رسالة إلى الجمهور والصانعين: «لن أراقب أحداً واللجنة هدفها التطوير».