في بيان ختامي من 4 صفحات حمل 23 بندا وتلي عقب قمة منظمة التعاون الإسلامي الطارئة، رداً على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها، طالب زعماء الدول الإسلامية المجتمع الدولي بالاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، عبر التأكيد على القرارات المتعلقة بالقدس الشرقية.

وجاء في البيان: "نعلن اعترافنا بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، ونرفض وندين بأشد العبارات القرار الأحادي غير القانوني وغير المسؤول لرئيس الولايات المتحدة، القاضي بالاعتراف بالقدس عاصمة مزعومة لإسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، ونعتبره لاغيا وباطلا ومرفوضا، ولا يمتلك أي شرعية بوصفه انتهاكا خطيرا لميثاق الأمم المتحدة، واعتداء على الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني".

Ad

واعتبر قادة الدول الاسلامية أن قرار ترامب "يعتبر تقويضا متعمدا لجميع الجهود المبذولة لتحقيق السلام، ويصب في مصلحة التطرف والإرهاب ويهدد السلم والأمن الدوليين".

وأكد البيان "الطابع المركزي لقضية فلسطين والقدس الشريف للأمة الاسلامية"، وشدد على "التمسك بالسلام العادل والشامل القائم على أساس حل الدولتين، وأن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين". وحمّل البيان "الحكومة الأميركية المسؤولية الكاملة عن كل التداعيات الناتحة عن عدم التراجع عن هذا القرار غير القانوني، ونعتبره بمنزلة إعلان انسحاب الإدارة الأميركية من ممارسة دورها كوسيط في رعاية السلام وتحقيقه بين الأطراف، كما تعتبره تشجيعا لإسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، على مواصلة سياسة الاستيطان والاستعمار والأبارتايد للتطهير العرقي الذي تمارسه في أرض دولة فلسطين منذ 1967".

ورحّب البيان الختامي بـ "الإجماع الدولي الرافض لقرار الإدارة الأميركية المخالف لكل قرارات الشرعية الدولية"، داعيا "مجلس الأمن الى تحمّل مسؤوليته فورا، وإعادة التأكيد على الوضع القانوني لمدينة القدس وضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، كما نؤكد إثارتنا هذا الانتهاك الخطير في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في حال فشل مجلس الأمن في اتخاذ الخطوات اللازمة".

الرئيس التركي

وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد دعا الى الاعتراف بالقدس الشرقية "عاصمة لفلسطين".

وفي كلمته خلال افتتاح القمة الطارئة، طالب إردوغان "الدول المدافعة عن القانون الدولي والعدالة الى الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لفلسطين". وأضاف: "إسرائيل دولة احتلال، وهي أيضا دولة إرهاب" مضيفا أن القدس "خط أحمر".

وتابع: "اعترفت الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، ضاربة بالمعايير الدولية عرض الحائط. يكفي أن نمشي بضع خطوات في المدينة لنفهم أنها محتلة. إسرائيل دولة إرهابية. العسكريون الإرهابيون يعتقلون الأطفال ويرمونهم في السجون. أدعو إلى الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة فلسطين المحتلة".

واعتبر أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان بمنزلة "مكافأة لإسرائيل على كل النشاطات الإرهابية التي تقوم بها. وقدم ترامب هذه المكافأة"، مؤكدا أنه لن "يتوقف أبدا" عن المطالبة بـ "فلسطين مستقلة وذات سيادة".

وأضاف أن «المسجد الأقصى سيظل للمسلمين حتى الأبد».

وشكر الدول التي دانت قرار ترامب، قائلا: "أنا على ثقة بأن الدول الـ196 الأعضاء في الأمم المتحدة ستظهر موقفها الصحيح، رغم أن الولايات المتحدة قوة نووية عالمية، إلا أن العالم كله ليس ملكا لها".

عباس

من ناحيته، أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه لن يكون هناك سلام ولا استقرار من دون القدس الشرقية عاصمة لفلسطين، وأعلن أن الفلسطينيين لن يلتزموا بالتفاهمات السابقة مع الأميركيين ما لم تتراجع واشنطن عن قراراتها الأخيرة، وأن أميركا لا يمكنها الاستمرار وسيط سلام.

واعتبر في كلمته أمام قمة إسطنبول الطارئة، أن قرار الرئيس الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل هو "وعد بلفور ثان".

وقال عباس إن الفلسطينيين سيذهبون إلى مجلس الأمن من أجل عضوية كاملة للدولة الفلسطينية بالأمم المتحدة، بعد أن قررت الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وقال إن "وعد بلفور مضى عليه مئة عام، والآن يأتي الوعد الآخر الذي يقدمه ترامب للحركة الصهيونية، ليقدم لها القدس هدية أخرى، وكأنه يهدي مدينة من مدن الولايات المتحدة، هو الذي يقرر وهو الذي ينفذ، وهو الذي يفعل هذا وذاك، ولكن كانت النتيجة أن دول العالم أجمع، ولأول مرة في التاريخ، لم تقف معه".

وتابع أن "موقف بريطانيا من قرار ترامب لا يعفيها من الاعتذار عن وعد بلفور، فإذا مر وعد بلفور، فإن وعد ترامب لم ولن يمر".

وأضاف أن "القدس كانت ومازالت وستظل للأبد عاصمة دولة فلسطين، وهي درة التاج، وهي زهرة المدائن، وأرض الإسراء والمعراج التي لا سلام ولا استقرار من دون أن تكون كذلك".

وتابع: "لن يكون هناك سلام في المنطقة والعالم من دون أن تكون القدس عاصمة دولة فلسطين، وليس لدينا شك في أن هذه الخطوات الأحادية ستشجع الجماعات المتطرفة وغير المتطرفة إلى أن تحول الصراع السياسي الى صراع ديني، وماداموا يريدون صراعا دينيا فليكن ذلك".

وقال: "نحن مصممون على إنهاء الانقسام، ونقولها لا دولة في غزة، ولا دولة من دون غزة، هناك عقبات كثيرة تحتاج الى حل، لكننا مصممون، لأن ذلك في مصلحتنا أن يكون وطننا وشعبنا موحدا، سنصر على المصالحة ونستمر فيها".

عبدالله الثاني

كما حذر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني من أن "محاولات تهويد القدس ستفجر العنف".

وشدد في كلمته، على أن الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل "يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة".

كما أكد أن "الوصاية الهاشمية على مقدسات القدس مسؤولية تاريخية"، وأن الأردن سيعمل على منع أي محاولات لتغيير الوضع القائم في المدينة.

وتابع: "اتخذ المتطرفون من هذا الواقع المرير عنوانا لتبرير العنف والإرهاب، الذي يهدد الأمن والاستقرار في العالم أجمع"، قائلا: "لا يمكن أن تنعم منطقتنا بالسلام الشامل، إلا بحل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، وفق قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية، ووصولا إلى قيام الدولة الفلسطينية على التراب الفلسطيني، وعاصمتها القدس الشرقية، فالقدس هي الأساس الذي لا بديل عنه لإنهاء الصراع التاريخي".

روحاني

وأكد الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن بلاده مستعدة للتعاون مع جميع الدول للدفاع عن القدس "من دون أي تحفظ أو شرط مسبق".

ودعا في كلمته، الإدارة الأميركية إلى أن "تعي حقيقة أن العالم الإسلامي لن يبقى متفرجا في شأن مصير فلسطين والقدس الشريف".

واعتبر أن احتجاجات الفلسطينيين خلال الأيام الماضية "أثبتت جليا مرة أخرى أن الفلسطينيين لم يعقدوا آمالا على المشاريع التافهة، وأنهم لايزالون يؤكدون ويصرون على مطالبهم الحقة والمشروعة". وشدد على أن "الولايات المتحدة لم تكن في يوم من الأيام وسيطا نزيها وصادقا، ولن تكون كذلك في المستقبل".

وقال إن ما شجع الأميركيين على الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل هو "محاولة البعض إقامة العلاقة مع الكيان الصهيوني والتنسيق والتعاون معه".

وشدد على ضرورة عدم تجاهل "مخاطر الكيان الصهيوني والترسانة النووية التي يملكها".

وأضاف أن على الدول الإسلامية حل نزاعاتها بالحوار، داعيا إلى الوحدة في مواجهة إسرائيل التي قال إنها زرعت بذور التوتر في المنطقة، وقال: "الوحدة بين الدول المسلمة مهمة للغاية، والقدس يجب أن تكون أبرز أولوياتنا".

شكري

وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن بلاده تستنكر القرار الأميركي الأحادي المخالف للشرعية الدولية، ولا تعتبره منشئا لأي آثار قانونية أو سياسية.

وقال في كلمة أمام القمة:" لنكن واضحين، القدس أرض تحت الاحتلال، وهي جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، هذه حقيقة تاريخية وقانونية، تدعمها قرارات صادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا يمكن أن تتغير هذه الحقيقة إلا بإنهاء واقع الاحتلال".

وأضاف :"وليس من حق أي طرف، مهما كان، أن يتصور أن بإمكانه القفز على القانون الدولي والحقوق التاريخية، ليضفي الشرعية على اغتصاب الأرض والحق".

وأشار إلى أن "مصر لا تقبل أن يكون التعامل مع القدس خارج نطاق الشرعية الدولية، ولن يتسامح الشعب المصري مع أي تفريط في حقوق الشعب الفلسطيني، وأي إجراءات تزعزع استقرار المنطقة وتوفر الذرائع للمتطرفين والإرهابيين وأعداء السلام والاستقرار".

العثيمين

وقال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، يوسف العثيمين، إن "المنظمة ترفض وتدين قرار ترامب، وتدعو دول العالم التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى أن تبادر بالاعتراف بها الآن، دعما لتوطيد دعائم السلام القائم على رؤية حل الدولتين، والتزاما صادقا بتحقيق العدالة وصونا لقرارات الشرعية الدولية".

وأكدت مصادر أن أكثر من 24 زعيما حضروا القمة، كما شهدت القمة مشاركة 56 دولة.

9 نقاط في إعلان إسطنبول

ورد في إعلان إسطنبول الصادر عن مؤتمر القمة الإسلامي الاستثنائي بشأن القدس 9 نقاط هي:

1- نرفض بيان الإدارة الأميركية غير القانوني بشأن وضع القدس وندينه.

2- نعلن أن هذا البيان باطل وملغى من وجهة نظر الضمير والعدالة والتاريخ، شأنه في ذلك شأن قرار إسرائيل ضم القدس وتدابيرها وإجراءاتها هناك، والتي لم تكن ولن تكون يوماً مقبولة. ندعو جميع أعضاء الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي إلى أن يظلوا ملتزمين بوضع القدس وبجميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

3- نشدد على أنه لن يكون بالإمكان البتة التنازل عن طموح إقامة دولة فلسطين المستقلة وذات السيادة على أساس حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، باعتباره شرطاً لازماً لإحلال السلم والأمن في المنطقة.

4- نعلن عزمنا على التعاون والتنسيق من أجل نصرة قضية فلسطين والقدس الشريف في المحافل الدولية، لاسيما في الأمم المتحدة.

5- نعلن عزمنا على حشد الدعم باسم الإنسانية جمعاء لتقوية دولة فلسطين ومؤسساتها في جميع المجالات.

6- ندعو جميع الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين التي تم الإعلان عنها عام 1988 بالجزائر، تجسيدا لرغبة أبناء الشعب الفلسطيني في أن يحيوا حياة حرة، إلى اتخاذ هذه الخطوة الحاسمة؛ إذ أضحى اليوم الاعتراف بدولة فلسطين شرطا أساسيا لتحقيق التوازن وسيادة الحس السليم ومنطق العقل في المنطقة في أعقاب التطورات الأخيرة. نؤكد اعترافنا بدولة فلسطين، وندعو العالم أجمع إلى الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة محتلة لدولة فلسطين.

7- نرى أن الدفاع عن القضية الفلسطينية يستوجب، في ظل الظروف الحالية، تحقيق المصالحة الفلسطينية دون مزيد من الإبطاء على أساس الاحترام المتبادل والثقة والتوافق وروح التضامن الوطني، ونجدد في هذا الصدد دعمنا لتحقيق هذه المصالحة.

8- ندعو إدارة ترمب إلى مراجعة قرارها غير القانوني الذي من شأنه أن يفجر الفوضى في المنطقة، وندعوها إلى إلغاء هذه الخطوة الخاطئة.

9- وحيث إننا نجسد منظمة التعاون الإسلامي، فإننا نجدد التأكيد على دعمنا الكامل لجميع أشقائنا الفلسطينيين، وفي مقدمتهم رئيس دولة فلسطين، محمود عباس، في نضالهم من أجل إقامة دولة فلسطين المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس.

المشاركون في القمة

شارك في القمة كل من سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وعاهل الأردن الملك عبدالله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس الإيراني حسن روحاني، والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، والرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو، والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، ورئيس الوزراء الطاجيكي قاهر رسول زاده.

كما حضر الرئيس السوداني عمر البشير، الصادرة بحقه مذكرة توقيف دولية، وتلقى ترحيبا دافئا من إردوغان.

وحضر الرئيس اللبناني ميشال عون القمة، ليكون الرئيس المسيحي العربي الوحيد الحاضر.

وشارك رئيس جمهورية شمال قبرص التركية مصطفى أقينجي، في القمة بصفة أن بلاده "دولة مراقبة".

وتمثلت السعودية بوزير خارجيتها عادل الجبير، وحضر وزير الخارجية المصري سامح شكري.

كما شارك في القمة رؤساء عن أفغانستان وبنغلادش وإندونيسيا وغينيا وليبيا وتوغو.

وكانت هناك مشاركة على مستوى رؤساء الوزراء من جيبوتي وماليزيا وباكستان، وعلى مستويات مختلفة من دول أخرى.

وشارك في القمة أيضا الرئيس الفنزويلي اليساري الشعبوي نيكولاس مادورو، الذي حل ضيفا على القمة، وكان حضوره لافتا، إذ إن بلاده لا يوجد بها عدد كبير من المسلمين، لكنه يبقى معارضا قويا للسياسات الأميركية.