سعى الرئيس ترامب في أول زيارة له للمنطقة إلى تأكيد موقف أعلنه للناخبين اليهود في نيويورك أن يجعل القدس عاصمة لهم، وطلب من دول مجلس التعاون أن تبدأ بالتعامل الرسمي مع دولة الاحتلال والتطبيع معها، ومع أنه أُغدق بمال كثير لم يكن يحلم به إلا أن هذا لم يجعله يغير موقفه.

أعطانا بعض التصريحات التي سببت النار بين الإخوة، وتلاعب بالعواطف، لكن حبه لليهود كان أقوى من كل شيء، وفي الحقيقة لم يجد من يقف في طريقه أو يعترض على إهاناته ولو بكلمة، فاستمر في غيه، وبعد أن تأكد أنه السيد والجميع يطلب وده ودعمه أعلن نيته نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس ليمنح الدولة الصهيونية ما كانت تحلم به في إعلان القدس عاصمة لهم.

Ad

لقد قدم العرب كثيرا من التنازلات، فاعترفوا بإسرائيل دولة على فلسطين 1948 بمن فيهم الفلسطينيون أنفسهم، ولكن لا الولايات المتحدة ولا ربيبتها تزحزحتا قيد أنملة باتجاه مبادرة الملك عبدالله التي وافقت عليها كل الدول العربية، ولم تغيرا في أسلوبهما المهين تجاه العرب، بل إن عجز الحكومات العربية جعلتهم يتمادون أكثر، فلم تعد فلسطين تكفيهم، فخلقوا الفتن بين أبناء الشعوب العربية، وأثاروا حروب الطوائف، وسلحوها ودعموها وخلقوا كل الأجواء لها لتستمر وتدمر الدول العربية واحدة تلو الأخرى، فاتقسم العراق ودمرت مدنه، وانقسمت سورية ودمرت وشرد شعبها، واشتغل صراع بين قبائل ليبيا ذهب ضحيته الآلاف من البشر.

عرفنا اللعبة ورأينا نتائجها وتأكدنا من المحرضين والمنظمين، بل شاركنا بالمال والإعلام في نشر الفتنة، ومع ذلك لم يقف حاكم واحد ليقول للأميركيين كفى، وأن عليهم ترك بلاد العرب وأن يأخذوا معهم اليهود المحتلين لفلسطين، فما الذي بقي لكي نراعي أي شيء؟ وماذا ننتظر منهم غير هذا الإجرام والظلم والمهانة؟ ألا يستحي الحكام من الوقوف أذلاء أمام هذا؟ إنهم يديرون لنا ظهورهم وتزداد إهاناتهم كلما وافقناهم على شيء، إنهم يحتقرون تذللنا وضعفنا ويرون أننا لا نستحق أن نكون على هذه الأرض الشريفة، ويتمنون أن نقتل بعضنا حتى لا يبقى في بلاد العرب غير اليهود.

فإلى متى يا أمة العرب السكوت على هذا؟ لو توحدت الكلمة ولو أسمعنا صوتنا للحكام فإنهم سيتوقفون عن بيعنا، ولو سمعت الولايات المتحدة ومن حالفها صوت الناس وموقفهم منها لربما ترددوا وأحسوا بحجم الخطأ الذي يرتكبونه، وبدل أن ينشغل بعضنا بقتل بعض فلننظر إلى المصالح الأميركية وحلفائها ولنخبرهم ما يمكن أن يحصل لها لو لم يتوقفوا عن الإهانة وعن التآمر علينا.

مصالحهم كثيرة عندنا، وأي تحرك يؤثر في هذه المصالح سيجعلهم يفكرون ألف مرة في مستقبل هذه المصالح في بلادنا، ولتكن معارضتنا لنقل السفارة الأميركية للقدس علامة فارقة في علاقتنا بهذه الدولة المتمردة على كل قوانين العالم.

على كل مواطن أن يسمع صوته للحكومة الأميركية احتجاجا على قرار نقل السفارة إلى القدس وبكل الوسائل المتاحة، يمكن استخدام الإنترنت لإيصال الاحتجاج إلى البيت الأبيض والكونغرس الأميركي وإلى السفارات الأميركية في كل البلدان العربية، فإذا نقلوها فلنصعد الاحتجاج على الوجود الأميركي ومصالحه في بلادنا، وكفى ذلاً وإهانة.