عدل رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري عن استقالته بعد جلسة استثنائية عقدها مجلس الوزراء قبل ظهر أمس في قصر بعبدا، وخصصت لإقرار صيغة "بيان التسوية" السياسية الجديدة، وبعد موافقة جميع الوزراء على الصيغة.

ودعا الحريري، في مستهل الجلسة، إلى "العمل لتجنيب البلاد صراعات المنطقة، والمحافظة على الاستقرار"، لافتا إلى "ضرورة عدم التدخل في شؤون دول صديقة أو شقيقة او التهجم عليها في وسائل الاعلام، وعلينا أن نضع مصالح لبنان واللبنانيين أولا، وأن نعلن قرارنا بالنأي بالنفس قولا وفعلا".

Ad

وقال: "إذا كنا نرفض أن تتدخل أي دولة في شؤون لبنان، فلا يجوز بالتالي لأي طرف لبناني أن يتدخل في شؤون الدول العربية، وخصوصا دول الخليج، اذ ان مصلحتنا تكمن في حماية علاقاتنا التاريخية مع كل الدول".

وأكد الحريري، بعد جلسة الحكومة، "التزام الحكومة اللبنانية بكل مكوناتها سياسة النأي بالنفس"، مضيفا أن "الحكومة تلتزم بما جاء في خطاب القسم لفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من أن لبنان سائر بين الألغام ولا يزال بمنأى عن النار المشتعلة حوله في المنطقة بفضل وحدة موقف الشعب اللبناني وتمسكه بسلمه الأهلي، ومن هنا تأتي ضرورة ابتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية".

وتابع: "ستواصل الحكومة تعزيز العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة في إطار الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية، كما تؤكد التزامها بالقرارات الدولية كافة، بما فيها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، واستمرار الدعم لقوات الأمم المتحدة العاملة في لبنان".

وأضاف أن "مجلس الوزراء قرر التزام الحكومة اللبنانية، بكل مكوناتها السياسية، النأي بنفسها، عن أي نزاعات أو صراعات أو حروب تضر بعلاقات لبنان السياسية والاقتصادية مع أشقائه العرب، وتهدد مصالح اللبنانيين في البلدان الشقيقة، وهو الأمر الذي يرتب على كل الأطراف السياسية والحزبية، عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية والتزام القوانين المرعية الإجراء إزاء الحملات التي تستهدف تلك الدول وقادتها".

وأعلن الحريري عودته عن الاستقالة التي كان تقدم بها في 4 نوفمبر الماضي من الرياض.

وكان لافتا قبل جلسة أمس وبعدها التراشق الإعلامي بين حزب "القوات اللبنانية" وتيار "المستقبل". واعتبرت مصادر رفيعة في تيار "المستقبل" أن "القوات لم تطّلع على البيان ليل الاثنين، بل ان وزراءها اطلعوا عليه في جلسة مجلس الوزراء".

وأكدت مصادر قواتية أن "وزير الإعلام ملحم الرياشي تسلم شخصياً بيان الحكومة فيما يخص النأي بالنفس من بيت الوسط، أمس، واطلع الحزب عليه وأبدى رأيه فيه"، مدحضة عكس ما يُقال، باعتبار أنّ "القوات تتعرض لحملة إعلامية شرسة معروفة النوايا والأهداف". ودخلت عضو كتلة "القوات" النائبة ستريدا جعجع، أمس، على الخط لتدحض نظرية "عدم اطلاع القوات على البيان"، مؤكدة أن "القوات اللبنانية لم تكن بعيدة عن طبخ التسوية الجديدة، وإن كان ذلك لم يظهر بوضوح في الإعلام". واعتبرت جعجع أن "التسوية بصيغتها التي أقرّها مجلس الوزراء اليوم انتصار لكل اللبنانيين، لأنها تعزّز الاستقرار الداخلي، وتُعيد الحكومة الى دائرة العمل بعد غياب استمر شهراً، وهذا ما كنا نطالب به كقوات لبنانية".

وتحدث الرئيس عون في مستهل الجلسة عن المروحة الواسعة للتشاور الذي قام به مع جميع الأطراف وعدد من قادة دول العالم، قائلا إن "موقفنا من الأزمة الأخيرة انطلق من عدم قبولنا بأن تمس أي سلطة في العالم كرامتنا، لأننا نعتبر أن لا وطن صغير ولا وطن كبير بل الكل يجب أن يكون متساويا في العزة والكرامة".