قبل أكثر من سبع سنوات، وعلى وجه التحديد في الثالث والعشرين من شهر مارس عام 2010 وقع الرئيس الأميركي السابق باراك اوباما ما يعرف باسم قانون الرعاية الصحية.

وعلى الرغم من فشل ذلك القانون على شكل سياسة فقد كان في ذلك الوقت انجازاً تشريعيا لافتاً تماماً أسهم بشكل راديكالي في تحويل سوق التأمين الصحي في الولايات المتحدة. وكان في صلب ذلك القانون الطلب من المواطنين الأميركيين القيام بشراء ضمان صحي أو دفع غرامات في حال عدم القيام بذلك.

Ad

واليوم وفي خريف أول سنة من عهد الرئيس دونالد ترامب يحاول أعضاء مجلس الشيوخ في الحزب الجمهوري قتل عصفورين ديمقراطيين بحجر محافظ واحد من خلال محاولة الغاء ذلك القانون واستبداله بحزمة اصلاح ضريبي خاص بهم.

ويبدو أن ربط قانون الرعاية الصحية بالاصلاح الضريبي يشتمل على شقين: الأول هو كونه سبيلا سهلا من أجل اتلاف ذلك القانون ويحرر ما يصل الى 338 مليار دولار للمساعدة على تعويض تخفيضات الجمهوريين للضرائب التي يمكن أن تضيف الى العجز المالي في الأجل القصير.

وقبل وقت قصير تعرض الكونغرس الحالي الى حملة مكشوفة بسبب فشله في تنفيذ وعد الرئيس دونالد ترامب حول الغاء قانون الرعاية الصحية كما ساور الشك العديد من الأطراف في أن الاصلاح الضريبي كان حقاً بعيد المنال. وعلى أي حال، يبدو البعض في الوقت الراهن ضمن حزب ترامب نفسه والذين أحبطوا في الماضي جهود الالغاء المشار اليها وقد انضموا الى خطة مجلس الشيوخ في هذا المسار.

اللعبة المستمرة

وتستمر اللعبة على أي حال ولكن المردود كبير – واذا أقر الجمهوريون قانون الاصلاح الضريبي وقرروا الغاء التفويض الفردي في الوقت نفسه فإن ذلك سوف يشكل أكثر التشريعات أهمية منذ توقيع باراك اوباما على قانون الرعاية الصحية. وعندما ينظر الى ذلك ضمن انجازات ترامب حتى الآن فإن هذا سوف يجعل من أول سنة للرئيس الأميركي في البيت الأبيض الفترة الأكثر نجاحاً بالنسبة الى أي رئيس في الفترة الأخيرة.

ثم علينا أن ننظر الى حقيقة أن الاصلاح الضريبي قد تفادى طوال أكثر من ثلاثة عقود مواجهة الكونغرس كما أن اقرار قانون الاصلاح الضريبي كان ينطوي على صعوبة مماثلة تضاهي الغاء الرعاية الصحية وربما بقدر أكبر.

ومع عدم وجود عقوبة بالنسبة الى اولئك الذين فشلوا في شراء خطط الصحة فإن عدد المستهلكين في السوق سوف يتقلص، كما أن شركات التأمين سوف تكون مضطرة الى التعويض عن هذا النقص في الدخل من خلال رفع الأسعار ورفض مزيد من الفوضى في أجواء الرعاية الصحية المتعثرة.

ويكاد يكون في حكم المؤكد أن تتعرض الأسواق الى نوع من الاضطرابات المبكرة ولكن من خلال تبديد قانون الرعاية الذي أقره اوباما فقط والبدء من جديد يمكننا أن نأمل في أن نجعل الرعاية الصحية وأول سنة من عهد الرئيس ترامب انجازاً كبيراً من جديد.

وعلى الرغم من البلاغة المضادة لترامب التي ترددها وسائل الاعلام والاستطلاعات التي تظهر زوال الوهم لدى العامة ازاء الادارة الأميركية الحالية فإن السنة الأولى من عهد ترامب تظهر البعض من الانجازات الحقيقية.

وكبداية نشير الى أن الاقتصاد في الولايات المتحدة اكتسب زخماً حقيقياً على كل الجبهات بشكل تقريبي.

وفيما يمارس الرؤساء بصورة عامة سيطرة محدودة على ديناميكية الاقتصاد المحلي الذي يتأثر ليس فقط بالسياسة الداخلية بل بالأحداث العالمية فإن سجل ترامب في التراجع عن التنظيم يلعب دوراً كبيراً في الموجة الحالية الازدهار النسبي.

حصيلة ترامب

وفي حقيقة الأمر فإن تحسن الأسواق خلال الأسابيع الستة التي أعقبت فوز ترامب بالرئاسة كان الأكبر في فترة ما بعد الانتخابات منذ سنة 1900 وهو صعود يرجع في جزء منه الى أن رجال الأعمال سوف يقلصون الروتين الذي يعطل التجارة والابتكار وريادة الأعمال.

ثم إن نمو الوظائف القوي وارتفاع ثقة المستهلك والزيادة الثابتة في أسواق الأسهم تضفي على الرئيس مصداقية كبيرة في الشارع الاقتصادي والانجازات لا تقتصر عليه فقط ولكنه ساعد على خلق بيئة صديقة للعمل التجاري يمكنها المساهمة في تطوير ذلك كله.

واذا أضفنا الى الاقتصاد تثبيت القاضي في المحكمة العليا نيل غورستش وقلب الطاولة السريع على تنظيم داعش الارهابي سوف يجعل أول سنة من عهد ترامب تبدو لافتة تماماً وخاصة بالمقارنة مع القلة من الرؤساء السابقين.

ويتمثل الشق الثاني في أن اوباما لم يتمكن من المضي قدماً في قانون الرعاية الصحية على الرغم من وجود أكثرية له في الكونغرس وكانت حملته الأولى في السياسة الدولية تضاهي الاعتذار المثير للشفقة.

ولم تشهد أول سنة من عهد سلف اوباما وهو جورج دبليو بوش أي حدث بارز في السنة الأولى باستثناء أحداث 11 سبتمبر التي كانت أكبر عملية ارهابية في التاريخ الأميركي والتي كانت حدثاً مأساوياً حدد بقية فترة رئاسته على الصعيدين الجيد والسيئ.

واتسمت الأيام الأولى من رئاسة بيل كلينتون بفوضى دفعت مجلة تايم الى القول إنه رئيس ضعيف بصورة لا تصدق وكان اقتراحه حول الرعاية الصحية قد رفض من قبل حزبه الذي كان يسيطر أيضاً على الكونغرس.