ليت الغيورين الفرحانين ورفاقهم من الشامتين اليوم بتطبيق القانون بقسوته على المدانين بدخول المجلس غضبوا في السابق عن صمت القانون وعجزه في قضايا كثيرة، منها قضية الإيداعات المليونية لعدد من نواب الأمة، ويا ليتنا لمسنا بعض حماسهم لهيبة القانون في جل قضايا المال العام، وبقع الفساد الكبيرة التي لطخت الثوب الكويتي من عقود طويلة. كانوا (ومازالوا) صامتين، كانوا في عالم آخر لا شأن لهم بحكم القانون الغائب، ولا "بالأبطال" الذين استنزفوا الأموال العامة، وسخروا سلطانهم لنفخ حساباتهم الخاصة، فهل تحدث ولو همساً أي واحد من فرسان حكم القانون في قضايا النهب الكثيرة، لا نذكر لهم شيئاً، فسبحان الله على غيرتهم وبطولتهم التي ظهرت اليوم فجأة في قضية دخول المجلس.

لا نبحث عن عذر للمدانين في القضية، ولا نلتمس لهم الأسباب لتبرير ما قاموا به في لحظات انفعال نفسي وغيرة وطنية التهبت في صدورهم، القضية منظورة أمام محكمة التمييز، وننتظر حكم العدالة فيها، لكننا نجد الأسباب الكثيرة التي دفعت بهم لدخول المجلس، كان هناك بتعبير الدكتور الخطيب نوع من العفوية حين دخلوا بوابة المجلس، أرادوا أن يعبروا عن رفضهم لواقع فساد تمدد بكل وقاحة حتى وصل بيت الأمة، كانوا يشعرون بعجز وخلل قيدا سلطة إعمال حكم القانون ضد المتجاوزين، لم يكن يسمح لهم ولا لغيرهم بحق التعبير كما ينص الدستور، لم يجدوا وسيلة غير تلك لرفض الممارسة السلطوية حين استخدمت سياسة دفتر الشيكات لشراء ولاءات عدد من النواب، وهم من يفترض بهم أن يكونوا وكلاء الأمة، فأضحوا وكلاء لغيلان الفساد.

Ad

لم يجد المدانون بالأمس من نواب شرفاء وشباب غيور على أحلام وطنه من وسيلة رمزية يعبروا بها عن سخطهم لما كان يحدث ذلك الوقف غير الدخول لبيت الأمة، وهو بيتهم، وإيصال رسالة سلمية صريحة للقوى المهيمنة بالسلطة تعبر عن رفضهم للفساد. قد يكون هناك القليل أو الكثير من التجاوز في التعبير عن هذه الرسالة، لكن يشفع لهم حسن نواياهم وغيرتهم على وطنهم ومستقبله، فهل وعى ممثلو الحزب الحاكم هذه الرسالة الضمنية قبل أن يظهروا لنا غبطتهم وابتهاجهم لحكم القانون؟! يبدو أن المساواة في قانونهم لا تختلف في مضمونها عن تشخيص الكاتب اناتول فرانس لها، فهي مساواة بالمنع والعقوبة لمن ينام تحت الجسر، ولا تفرق بين الأثرياء في قصورهم، ولا الفقراء الذين لا يجدون مكاناً يأويهم.

سبعون عائلة حزينة اليوم، فهل هذا ما يبهج قلوب حرس النظام؟!