صوّر ترامب نفسه بصفته المفاوض الأمهر، لكنه عندما يتحدث عن تحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين يبدو غالباً أقل ثقة بالنفس، فقد أعلن في سبتمبر أن هذا "موضوع معقد" و"أنها الصفقة الأكثر صعوبة على الإطلاق"، رغم ذلك يعتبر فرص نجاحه "جيدة جداً".

يُفترض الإعلان عن خطة الإدارة للسلام، التي كنا نتوقعها في شهر سبتمبر، في شهر يناير. يقود صهر ترامب ومستشاره غاريد كوشنر هذه الجهود بالتعاون مع مبعوث الرئيس إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، والسفير الأميركي إلى إسرائيل ديفيد فريدمان، ونائب مستشار الأمن القومي دينا باول، علماً أن الثلاثة الأوائل هؤلاء ينتمون إلى اليهودية الأرثوذكسية ولا يخفون تعاطفهم مع إسرائيل.

Ad

واجه هؤلاء الاستخفاف في البداية لأنهم اعتُبروا مبتدئين، لكن هذا الفريق نجح في استمالة المشككين بفضل استعداده للإصغاء. حتى الفلسطينيون أُعجبوا باستعداده للوقوف على رأي الناس في مخيمات اللاجئين لا السياسيين فحسب. نتيجة لذلك اعتبروه أكثر صدقاً من مسؤولي أوباما غير الفاعلين. على سبيل المثال عارض كبير المفاوضين غرينبلات اتخاذ إسرائيل خطوات أحادية الطرف ورحّب بصفقة المصالحة الفلسطينية بين منظمتي فتح وحماس.

مهما قررت الإدارة الأميركية فستدعمها المملكة العربية السعودية على الأرجح، فقد أقام كوشنر علاقة صداقة مع السعودية التي نجحت في إقناع كوشنر بأنها تستطيع إعادة صوغ الشرق الأوسط بطرق تلائم الولايات المتحدة. وبطلب من ترامب استدعت السعودية محمود عباس إلى الرياض في مطلع هذا الشهر وحضته على القبول بالخطة الأميركية، لكن كل الأطراف (حتى أعوانه) تعتبر عباس شخصاً انتهازياً ومماطلاً ومكشوفاً.

وإن استئناف المفاوضات يلائم مصالح الدول العربية، فعلى سبيل المثال تضطلع مصر بقيادة عبدالفتاح السيسي بدور أكثر فاعلية في عملية السلام، وساهمت أخيراً في إنهاء الخلاف بين "حماس" و"فتح"، كذلك دعمت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة سعي السيسي لقطع روابط حماس مع إيران، وبموجب هذه الصفقة ستمول هذه الدول على الأرجح تنمية المناطق الفلسطينية وستقدّم لإسرائيل ضمانات أمنية.

لطالما بدا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو متردداً في التفاوض مع الفلسطينيين، لكنه قد يفضل عملية مفتوحة على كل الاحتمالات بدل عملية تقوم على مهل ومراحل واضحة ومحددة تلزمه، كذلك يرغب نتنياهو في الإعراب عن امتنانه لترامب لعدم الضغط عليه بقوة كما أوباما.

على نحو مماثل لا يرغب الفلسطينيون في معاداة الأميركيين، لكنهم يخشون أن يُرغموا على القبول بصفقة تمنح إسرائيل السيطرة العسكرية على الضفة الغربية، ويذكر جون ألترمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مؤسسة فكرية في العاصمة واشنطن: "لا يريد نتنياهو أو عباس الإساءة إلى الخطة الأميركية، لكنهما لا يملكان أيضاً أي مصالح حقيقية في التقيد بها".

يعتبر المسؤولون في المنطقة فرص النجاح متدنية جداً، ويشير دبلوماسي إسرائيلي: "لن يتوصلوا إلى طريقة لتدوير الزوايا بعدما حاول كثيرون قبلهم"، ويؤكد مفاوض فلسطيني: "يبحث كلا الطرفين عن سبل لرفض ما يمليه عليهم ترامب"، ويبدو أن كلا الطرفين يتفقان في هذه المسألة على الأقل.