قدم الموسيقار المصري عمر خيرت حفلين موسيقيين ضمن فعاليات الموسم الثقافي لمركز الشيخ جابر الأحمد على المسرح الوطني وأمام جمهور حاشد من مختلف الجنسيات والشرائح العمرية والخلفيات الثقافية حضر خصوصاً للاستمتاع في رحاب أحد عمالقة اللحن العربي، عمر خيرت صاحب تاريخ طويل من العطاء، استطاع أن يمزج بين الآلات الشرقية والغربية بمهارة ليتولى قيادة الأوركسترا على البيانو في مزيج قلما يجود به فنان إلا إذا كان وصل لمرتبة الإبداع.

أثر خيرت في وجدان العقل الجمعي المصري، ليس فقط بما يقدمه من مقطوعات، وإنما لتصديه شارات العديد من الأعمال الدرامية، التي شكلت وعي المتلقي المصري والعربي فضلاً عن العديد من الأفلام السينمائية، حتى أصبح الجمهور يعرف اسم المقطوعة وسرعان ما يستدعي العمل المرتبطة به من مطلعها «إعدام ميت»، «ليلة القبض على فاطمة»، «100 سنة سينما» وغيرها الكثير.

Ad

في حضرة حفل خيرت، تبحث عن نفسك وتفتش بين ثنايا سنوات مضت لتطارد بعض الذكريات الجميلة المتعلقة بمقطوعة شاهدتها من أمام شاشة التلفزيون أو سمعتها عبر أثير الإذاعة، هكذا كان حل أغلب من لبى النداء، وحضر إلى مركز الشيخ جابر الثقافي يطلق لخياله العنان وخيرت يعزف على البيانو بيد، ويشير إلى أعضاء فرقته بالأخرى، هنا تعلو الموسيقى، وفي تلك المنطقة تأخذ منحى آخر، وفي الختام يقف الموسيقار المصري، ليرد تحية الجمهور بانحناءة بسيطة تقديراً لهم.

ما يميز موسيقى خيرت عن غيرها، قدرته على المزج بين الآلات الموسيقية الغربية والشرقية، وما أبقى على هذه الموهبة، حفاظه في أعماله على رقي مستوى ما يقدمه، مضيفاً إلى التراث الموسيقي خبرات جديدة في صيغ موسيقية مميزة ومتفردة تركت علامتها الخاصة.

ويرى النقاد أن موسيقاه مارست دوراً ريادياً في تقريب المسافة بين الموسيقى الشرقية والغربية، فنجح في إضفاء روح الهارمونيا الغربية على البنية الكلاسيكية للموسيقى العربية.

مسألة مبدأ

عزف خيرت وفرقته الموسيقية 23 مقطوعة من أشهر ما قدم على مدار سنوات ولعل اللافت في هذا المساء التكوين البصري، الذي اشتغل عليه فريق مركز جابر ببراعة فأوحى لمن حضروا أنهم في رحاب فيلم سينمائي أو أمام عمل درامي من خلال اختيار لوحات معبرة لها علاقة غير مباشرة بكل معزوفة، وبدأ الموسيقار المصري بثلاث مقطوعات للبيانو والأوركسترا من ثم قدم «هي دي الحياة» ومنها إلى موسيقى فيلم

«خلي بالك من عقلك» من ثم اختار «حب وعنف» وقبل أن يستهل «في هويد الليل» أفسح المجال أمام عازف القانون علاء حسين ليفضي بما في جعبته من إبداع، ثم يقدم خيرت وفرقته «مسألة مبدأ 2» وينتقل منها إلى «تيمة حب» و» زي الهوا» التي بدأتها نهاد جمال الدين بعزف منفرد، ثم يمضي الموسيقار المصري في برنامجه ويقدم موسيقى فيلم «الداعية» ومسلسل «الجماعة» ويختتم بموسيقى أغنية «فيها حاجه حلوة» . وكان الحضور على موعد مع جزء ثاني من السهرة مزدحماً بالمعزوفات المميزة، إذ استهل خيرت بـ«رابسودية عربية» ثم «موسيقى فيلم «إعدام ميت» ومسلسل «الخواجة عبدالقادر» ومنها إلى معزوفة فيلم

«النوم في العسل» وبدا واضحاً أن الموسيقار المخضرم اعتمد في الجزء الثاني من حفله على المقطوعات ذائعة الصيت لاسيما المتعلقة بالأفلام والمسلسلات إذ اختار» الخادمة» ثم «عفواً أيها القانون» وواحدة من أبرز معزوفاته» صابر يا عم صابر» وموسيقى فيل» مافيا» وأغنية «عارفة»

و«قضية عم أحمد» وموسيقى مسلسل» البخيل وأنا» واختتم بأوبريت «100 سنة سينما».

ليغادر المسرح بعد تحية الجمهور، الذي وقف له طويلاً تقديراً على ما بذله من جهد وأعضاء فرقته لإدخال البهجة على الحضور.

مؤلف موسيقي

يذكر أن عمر خيرت ولد في القاهرة عام 1948، وينتمي إلى عائلة فنية. أسس عمه الموسيقار م. أبوبكر خيرت معهد الكونسرفتوار، ووضع التصميم المعماري لأكاديمية الفنون، وكان أول عميد للمعهد عام 1959.

بدأ عمر خيرت، وهو أحد أهم الموسيقيين المصريين في العصر الحديث، العزف على البيانو في سن الخامسة، وتتلمذ على يد المايسترو الإيطالي فينتشينزو كارو بمعهد الكونسرفتوار، ثم استكمل دراسته في كلية ترينتي للموسيقى في لندن.

وبعد الانتهاء من دراسته للبيانو والنظريات الموسيقية، شرع خيرت في التأليف الموسيقي للأفلام السينمائية المصرية، وكذلك الأعمال التلفزيونية والمسرحية. كما ألَّف مقطوعات لعروض الباليه المصرية.

استمع خيرت إلى العديد من الأشكال الموسيقية، وأولها الموسيقى الكلاسيكية، مجال دراسته، إلى جانب عزفه على آلة الدرامز لفرق الروك والبوب والجاز.