في اعتقادي أن قمة القوة التي يمكن أن يشعر بها أي وزير "تصريف" العاجل من الأمور تكون في مثل هذه الأيام، برلمان في حالة تعطيل ذاتي قسري وضغط نفسي غير موجود، بمعنى آخر يستطيع أي وزير اتخاذ ما يريده من قرارات دون أن يشعر بأي رهبة أو تردد، فهو وزير على رأس عمله وفي الوقت نفسه مستقيل.

في مثل هذه الأجواء المليئة بالقوة، ترضخ الحكومة للنائب الذي لا يكف عن طلباته ومقترحاته الهزلية، وتنحاز لمطالبه بتسفير أحد المحاضرين الذين يحملون فكرا وتفكيرا مغايرا لفكر النائب الذي يريد، في زمن التحولات العميقة في العالم، فرض أسلوب حياته على بقية خلق الله.

Ad

أنا لن أعتب على النائب فهو معتاد على تجريب كل أنماط السخافة ومعتاد على النجاح في كل انتخابات يخوضها، ولن أعتب أيضا على الحكومة– على غير العادة– لأنها نفذت أجندة الوصاية على المجتمع.

عتبي على من ضلل الناس و"لقمهم" الحجج الواهية بأن تعديل النظام الانتخابي سينقل الكويت إلى مرحلة أكثر تطورا وبعدا عن الأطروحات المتشددة، وعتبي على من قسّم الكويت إلى "فسطاطين" إما أن نركب معه في مركب التطور والحداثة أو نكون مع فسطاط التخلف!!

هو الآن ينتقد الحكومة على فعلتها ويمارس دوره التقدمي كأنه لم يكن يوما رافعا مشروع الحكومة في خلق برلمان بلا أنياب وحالة من الفردية في كل شيء مرتبط بالعمل الجماعي.

ما حصل مع المحاضر الذي تم تسفيره في بلد الحريات لم يكن ردة على شيء، لأنه ببساطة لم يكن هناك شيء تم الارتداد عنه، هي حلقة من حلقات التخلف أخذت في طريقها نصر حامد أبوزيد وأخذت آخرين من توجهات مختلفة؛ لأن الكل عمل على ترحيل الكل، ولا أحد يتعلم من تجارب بؤسه، وآخرهم النائب الذي ضيق الملعب على نفسه أيام العز، وذاق مرارة أفعاله حتى عاد يلهث للملعب الضيق ليزيده ضيقا وتقدمية على رأي صاحب نظرية الفسطاطين.