عندما يُستدعى بشار الأسد إلى "سوتشي"، كما استدعي عام 2015 إلى موسكو، عشية التدخل العسكري الروسي في سورية، لمقابلة استغرقت أربع ساعات مع فلاديمير بوتين، عاد بعدها تواً إلى دمشق، أو إلى قاعدة "حميميم"، أو إلى "القرداحة"، فإن هذا يعني أن هذا اللقاء العاجل لم يكن مريحاً، وأنه سمع كلاماً من مُستدعيه غير متوقع بالنسبة إليه، وان "الحل" الذي سيناقش في القمة الثلاثية الروسية – التركية – الإيرانية، التي غدت على الأبواب، لن يعجبه، كما أنه لن يعجب المعارضة التي لا تزال تصر على "جنيف 1"، والمرحلة الانتقالية، وقرار مجلس الأمن الدولي 4522.

ولعل المفاجئ حقاً هو أن اسم فاروق الشرع، الذي جرى تغييبه نهائياً على مدى سبعة أعوام وأكثر، قد أصبح متداولاً لترؤس مؤتمر "سوتشي"، الذي من المفترض انعقاده في بدايات الشهر المقبل، بحضور ألف مدعو، كان الروس قد وصفوهم بأنهم ممثلو "الشعوب السورية"، ويقيناً أنه إذا صحت هذه المعلومات بالنسبة للنائب السابق للرئيس السوري فإن هذا يعني أن هناك تحولاً في موقف فلاديمير بوتين، وأنه بات على استعداد للتفريط في "بيدقه"، وأن أكثر ما يمكن أن يُعطى كجائزة "ترضية" أن يستمر وجوده مؤقتاً في "المرحلة الانتقالية".

Ad

لقد جرى تغييب فاروق الشرع، الذي ينتمي إلى إحدى العائلات المرموقة في منطقة درعا، التي انطلقت منها شرارة هذه الثورة التي بقيت متواصلة منذ مارس 2011 حتى الآن، لأنه كما يقال قد اعترض على مواجهة مظاهرات سلمية بالعنف والقوة وإراقة الدماء... وهذا بالطبع محرم وغير مقبول على الإطلاق، وهو ما أدى أيضاً إلى تغييب عبدالله الأحمر، نائب الأمين العام القومي لحزب البعث، الذي لم يبق منه إلا اسمه وعلمه الذي لم يعد يرفع إلا في المناسبات المتباعدة، وبعيداً عن أنظار قادة الميليشيات الإيرانية المذهبية.

وهنا فإنه لابد من الإشارة إلى أنه لا شيء مؤكد بالنسبة لكل هذا الذي مر ذكره، لكن ما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار هو أن الروس إن كانوا يسعون فعلاً لضمان وجودهم في المنطقة، ووجود قواعدهم في سورية، فإن عليهم ألا يواصلوا الرهان على هذا الحصان الذي سيكون خاسراً في النهاية لا محالة، وعليهم أن يلتقوا مع الآخرين على حل معقول، يمكن أن يكون مقبولاً، وأغلب الظن أن حلاً يكون فاروق الشرع رقماً رئيسياً في معادلته السياسية سيكون مقبولاً سورياً وعربياً ودولياً، بشرط أن يكون هو واجهة هذه المرحلة الانتقالية.

لكن، ويجب وضع ألف خط تحتها وباللون الأحمر، على كل الذين يتجهون هذا الاتجاه، وفي مقدمتهم فلاديمير بوتين، أن يدركوا أن "سورية المفيدة" أصبحت جاهزة، وأن الإيرانيين، الذين قد يبطنون غير ما يظهرون، سيضعون كل عصيهم في دواليب هذا الحل، الذي إن كان مطروحاً بالفعل فإن تقسيم هذا البلد سيكون تحصيل حاصل، وهذا إن لم يكن الروس حازمين، ولم تتخل الولايات المتحدة عن ضبابيتها القاتلة، ولم يتخل "الأخ" إردوغان عن أوهامه الإمبراطورية.