في هذه الأيام، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتفتح المجتمع من جميع أبوابه ونوافذه، أصبحت أخبار البشر في متناول اليد وأينما كنا، وأصبح الناس أكثر فضولا لمعرفة هذه الأخبار وتداولها وإرسالها، بل هناك من يزيد الأخبار ويلفقها أحيانا.

وأصبح هَم الناس هو الناس وأخبارهم وأحوالهم وما يملكون وما يفعلون، وانتشر التقليد والتفاخر، فأصبحوا عبيدا للمظاهر الكذابة لإثبات الوجود والقدرة والإمكانية على حيازة كل ما هو جديد وثمين وغال.

Ad

وصار البشر بعيدين عن الثقافة والإفادة من العلم والتعلم، وقريبين من الموضة والتباهي واقتناء أغلى الساعات والمجوهرات والحقائب وغيرها من الكماليات التي لا تملأ العيون، فهذا الهوس لا يجعلك تشعر بالاكتفاء بل بالعكس تزداد تعلقا بها، فحالها حال عمليات التجميل وهوسها والإدمان، وهذه الأمور لا تقف عند حد معين من الشبع أو الكفاية ولا حتى الخلاص.

أصبح التفات الكثير خصوصا النساء إلى غيرهن والمقارنة فيما يملكن، وأين يذهبن، وإلى أي بلاد يسافرن، فنرى كم هو سطحي هذا التفكير وساذج، ونتائج هذا الأمر وخيمة قد تصل إلى تفرق العائلة، ونهايته الطلاق وضياع الأبناء لأسباب مادية تافهة، وترجع إلى عدم قدرة الزوج على تلبية مطالب الزوجة المادية ومقارنتها نفسها بغيرها من النساء.

والحالة النفسية لهذا المرض هي التباهي والتفاخر واستعراض ما يملكه الإنسان من مقومات تميزه عن غيره، وهي مظهر من مظاهر النقص، وصفة تخلق حواجز بينه وبين البشر، وتزيد من الأحقاد والحسد والضغينة، كما تعتبر نوعا من أنواع الضعف وهشاشة الشخصية وخوائها، وتصل إلى الغرور، وهي جميعها أمراض اجتماعية ونفسية.

ويعتقد البعض أن الناس المتباهين هم من الطبقات الثرية ومن ذوي المال، لكنهم قد يكونون أيضا من الطبقات العادية، ولكنهم يتميزون بمستوى اجتماعي مميز أو صفات جمالية أو ذكاء شديد.

أما المشكلة الكبيرة فهي إذا كان المتباهي من الطبقة الدنيا في المجتمع، ويحدث أن يرتفع ارتفاعا مفاجئا، فإذا به يتحول إلى متفاخر بنفسه ينسب إليها ما لم يكن فيها، وإلى عائلته ما هم ليسوا عليه أصلا، وخصوصا في النواحي المادية.

ولهؤلاء نقول: لا تنسوا قول الله تعالى في وصايا لقمان لابنه: "وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً أن اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ"، وعليكم ألا تنسوا أن "من تواضع لله رفعه".