بدا، أمس، أن القاهرة انتقلت إلى مرحلة جديدة من التصعيد ضد العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بعد أيام من إعلان فشل مفاوضات سد النهضة، الذي أوشكت أن تنتهي من بنائه، بينما تقول القاهرة إنه يخصم من حصتها التاريخية في مياه النهر «55.5 مليار متر مكعب» سنوياً.

وبينما مضت أديس أبابا بخطى تسابق الريح للانتهاء من إنشاءات السد، مما يشكل الهاجس الأكبر لما يزيد على 100 مليون مصري، تتخبط الدبلوماسية المصرية بين التلويح بنقل الأزمة إلى محافل دولية، ومحاولات استكمال المسار التفاوضي، الذي يمضي بتباطؤ يثير الريبة.

Ad

وكشف المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد أبوزيد، في تصريحات عن خطة تحرك مصرية واضحة المعالم للتعامل مع ملف السد الإثيوبي، تتضمن تكليف السفارات المصرية بشرح ما وصلت إليه المفاوضات والمرونة التي تعاملت بها مصر في هذا الملف على مدار الأشهر الأخيرة، وتأكيد أهمية الالتزام باتفاق إعلان المبادئ الموقع في الخرطوم خلال مارس 2015، وهو خطوة أولى لإشراك المجتمع الدولي في متابعة تطورات الملف.

وتابع أبوزيد: «مصر في مرحلة إشراك المجتمع الدولي في معرفة التفاصيل، وأين تقع العثرات وسبب التعثر في هذا الملف، ومن المسؤول ثم الانتقال إلى مرحلة التحرك السياسي التي تتطلب أن يمارس المجتمع الدولي الضغوط على الأطراف التي تتسبب في تعثّر هذا الملف».

وبعد أن لوح باللجوء إلى النظام الدولي، عاد أبوزيد إلى الحديث عن الاتصالات السياسية المباشرة بين مصر وإثيوبيا، قائلا: «نحن بصدد عقد اللجنة العليا المشتركة على مستوى الرئيس السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ديسالين، خلال شهر ديسمبر المقبل، مما يتيح الفرصة للحديث على مستوى القيادة السياسية».

الأمم المتحدة

ووصلت أصداء تعثّر مفاوضات السد إلى البرلمان المصري، إذ قال النائب المعارض هيثم الحريري لـ «الجريدة» إنه تقدم بطلب إحاطة لاستدعاء الحكومة، وأضاف: «منذ انعقاد البرلمان مطلع 2015، لم تتم مناقشة الحكومة فيما يتعلق بإنجازها في هذا الملف، وسبب فشل المفاوضات، خاصة أن إثيوبيا مستمرة في البناء».

من جانبه، شدد رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي، كمال عامر، على أنه ليس هناك خيار سوى الحلول المبنية على التعاون والدبلوماسية الناعمة، داعيا الشعب المصري إلى عدم القلق، مضيفا: «ثقتنا بالله ثم بقيادتنا السياسية، ووجود خطط وحلول متعددة، ونرجو أن ينتهي الأمر بحلول مُرضية للجميع».

وقال وكيل لجنة الشؤون الإفريقية في البرلمان، ماجد أبوالخير، إن اللجنة ستعقد اجتماعات مع الجهات المختصة الأسبوع المقبل، لوضع القضية أمام الرأي العام الدولي والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة».

من جهته، طالب رئيس حزب «الإصلاح والتنمية»، أنور السادات، الرئيس السيسي بإعلان تفاصيل المفاوضات التي أجراها الجانب المصري مع نظيره الإثيوبي بشأن السد، وتابع: «بما أننا قدمنا كل هذه المبادرات الطيبة، التي لم تقابل بنفس الروح، فإنني أعتقد أنه حان الوقت لمخاطبة الشعب المصري بكل صراحة وشفافية عن الموقف بكامله وإحاطته بما انتهت إليه المفاوضات».

وفيما رأى أستاذ القانون الدولي في جامعة عين شمس، إبراهيم أحمد، أنه لم يعد أمام القاهرة إلا اللجوء إلى إعداد «شكوى إلى الأمم المتحدة» للحفاظ على حقوقها، قالت الخبيرة في الشأن الإفريقي الكاتبة أسماء الحسيني، إنه بعد سنوات انتهت المفاوضات إلى لا شيء، مشددة على أن مصر لن تقبل الابتزاز، وأضافت: «قضية مياه النيل مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى مصر، لذا فمحاولات تجاوز الخطوط الحمر في هذا الملف لن تمر مرور الكرام».

موقف سوداني

ووسط اتهامات مصرية للنظام السوداني بتبني الموقف الإثيوبي، نفى السفير السوداني بالقاهرة، عبدالمحمود عبدالحليم، لـ «الجريدة»، أن يكون السودان تعامل مع أزمة السد من منطلق المستفيد، وقال: «نحن لا ننحاز إلى طرف على حساب آخر، وما يهمنا هو الوصول إلى نتائج مُرضية للبلدين، ولهذا نرحب بأي مفاوضات تؤدي إلى حلول واقعية».

وأضاف عبدالحليم: «السودان لا يرى أن السد سيؤثر عليه، ولا توجد لدينا مخاوف كبيرة بالقدر الذي يتخوف منه الأشقاء في مصر، والشواغل المصرية دفعتنا إلى تقديم مقترحات، كنا نأمل أن يتقبلها الطرفان».

مؤبد المرشد

قضائيا، أيدت محكمة النقض، أمس، الأحكام الصادرة بالسجن المؤبد والمشدد بحق المرشد العام لجماعة «الإخوان» الإرهابية، محمد بديع، و55 متهماً آخرين، في قضية أحداث العنف بمحافظة الإسماعيلية، التي قتل فيها 3 مواطنين وأصيب 16 آخرون، في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013، لتصبح أحكام الإدانة نهائية وباتة.

كان المحكوم عليهم تقدموا بطعون أمام محكمة النقض، مطالبين فيها بإلغاء الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات ضدهم بالسجن وإعادة محاكمتهم من جديد، غير أن محكمة النقض رفضت الطعون وأيدت الأحكام، وشمل حكم «النقض» معاقبة 8 متهمين بالسجن المؤبد لمدة 25 عاما لكل منهم، في مقدمتهم بديع، و29 متهماً عوقبوا بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات، و19 متهما عوقبوا بالسجن مدة 3 سنوات.

في قضية أخرى، قررت محكمة جنايات القاهرة، أمس، إحالة أوراق المتهم أحمد سعيد، مرتكب جريمة قتل القس سمعان شحاتة رزق الله بمنطقة المرج، إلى مفتي الديار، لاستطلاع الرأي الشرعي في شأن إصدار حكم بإعدامه، وحددت المحكمة جلسة 15 يناير المقبل للنطق بالحكم في القضية التي تعود وقائعها إلى 12 أكتوبر الماضي، عندما ضرب المتشدد الكاهن المسيحي بساطور فقتله في الحال.

البناء الموحد

إلى ذلك، وافق مجلس الوزراء خلال اجتماعه الأسبوعي، أمس، على تعديلات قانون البناء الموحد، وإحالته إلى مجلس الدولة ثم إلى مجلس النواب تمهيدا لإقراره، بعد الاستماع إلى الملاحظات على التعديلات، فيما قال وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية، مصطفى مدبولي، إن من أهم التعديلات على القانون تيسير إصدار تراخيص البناء.