رغم مشاركة 16 فيلماً في مسابقة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، فإن المدير الفني الناقد يوسف شريف رزق الله أعلن أن القيمين على المهرجان بحثوا عن فيلم مصري يصلح للمشاركة في المسابقة الدولية ولكنهم لم يجدوا للأسف، ما يعكس بشكل واضح أن السينما المصرية في أزمة حقيقية.

الناقد السينمائي طارق الشناوي من جانبه يؤكد أنه لأول مرة في تاريخ هذا المهرجان العريق تغيب الأفلام المصرية، مشيراً إلى أنه على مستوى العالم لم يحدث أن غابت عن أي مهرجان عالمي سينما البلد المضيف.

Ad

لماذا لم تجد إدارة المهرجان فيلماً مناسباً للمشاركة؟ يقول: «يدل ذلك إلى إشهار الإفلاس الفني، ولكنه أشجع قرار رغم أنه يعتبر فضيحة سينمائية، وإذا استمر المشهد سنوياً، فيصبح مهرجان القاهرة ليس الواجهة الأولى للفيلم المصري المهم»، لافتاً إلى التوجه العام نحو المهرجانات الدولية كمهرجاني دبي، وقرطاج.

غياب الدعم

من وجهة نظر أخرى، تكشف المخرجة هالة لطفي لـ«الجريدة»، أن من يتحدثون عن الإفلاس الفني عليهم أن يوجهوا تلك الانتقادات لوزارة الثقافة المتوقفة عن دعم صناعة السينما منذ خمس سنوات، مشيرة إلى أزمة المخرجين في صناعة الفيلم والتحديات والضغوطات المادية والبيروقراطية التي يتعرضون لها ليتمكنوا من إطلاق فيلم غير تجاري. كذلك لفتت إلى أن غياب الفيلم المصري عن المهرجان أمر ليس وليد اللحظة في ظل تحول صناعة السينما في مصر إلى «سبوبة وغسيل أموال»، حسب وصفها.

تستكمل هالة قائلة إن «الدولة نفسها والقوانين المنوطة بصناعة السينما تشكلان أكبر معوق لدى الصانعين، بدءاً من التكلفة الإنتاجية غير المسبوقة مروراً باستخراج تصريحات عمل وتصوير، وانتهاء بالرقابة التي تقف حائط سد إزاء الإبداع، لافتة إلى أن من ينتقد توجه الصانعين الشباب إلى مهرجانات دولية أخرى عليه أن يعي كيف تمنح مهرجانات مثل قرطاج ودبي الفرص لدعم الأفلام المشاركة، ولا تنظر إليها بوصفها أفلاما «كحيانة» كما يفعل المنتجون المصريون.

وجهة النظر نفسها يتبناها المخرج والمؤلف كريم حنفي، مشيراً إلى أن صانعي السينما، تحديداً الشباب، يعانون انعدام الأمل وصعوبات شديدة في إنتاج الأفلام، والأمر سيستمر ما دامت الدولة تنظر إلى السينما باعتبارها أحدى الرفاهيات في المجتمع، ما جعل الأمر يسوء إلى حد غياب الأفلام المصرية عن المهرجان.

ويضيف كريم لـ «الجريدة»: «أصبحت تكلفة الإنتاج باهظة، ولا يقدر عليها جيل كامل من الشباب يحلم بصناعة سينما مختلفة، أو على الأقل تحاذي الأفلام التجارية، إلى جانب الاتجاه العام نحو أعمال تهدف إلى الربح فقط، فيما ينظر كثيرون إلى الأفلام المستقلة أو ذات التكلفة الصغيرة على أنها فقيرة ولا تحمل أسماء نجوم، إضافة إلى محاصرتها في التوزيع.

كارثة

وبين غياب الفيلم المصري عن القاهرة السينمائي وأزمة صناعة السينما، يقول المنتج وعضو اللجنة التشريعية في المهرجان شريف مندور، «إنها كارثة بالمقاييس كافة لمهرجان سينمائي دولي له تاريخ عريق»، كاشفاً أن القرار جاء بعد مشاورة أعضاء اللجنة وكان عدم اختيار فيلم مصري للمشاركة أفضل من أن يمثلها عمل لا يليق بمصر وبمستوى التظاهرة السينمائية العالمية.

ويضيف مندور لـ«الجريدة» أن ثمة أفلاماً كانت تستحق الدخول في مسابقة المهرجان، لكن شروط الأخير تحتم أن يعرض الفيلم أول مرة من خلاله، إلى جانب عدم مشاركته في أية مهرجانات دولية أخرى، موضحاً أن إنتاج الأفلام التجارية سبب رئيس للأزمة الراهنة لأن هدفها غالباً الربح من دون النظر إلى مضمون العمل وقيمته الفنية.

ويؤكد عضو اللجنة التشريعية في المهرجان أن غياب التحفيز أو التكريم المادي، تحديداً عن مهرجان القاهرة السينمائي، أحد أهم الأسباب التي تجعل صانعي الأفلام عازفين عن المشاركة، فضلاً عن ظهور مهرجانات موازية تقدم دعماً مادياً لهم، مؤكداً أنه لا بد من إعادة هيكلة إجراءات عدة من أجل تحفيز الصانعين علماً بأن ثمة أعمالاً مصرية ناجحة لم تلق الدعم والتكريم الذين تستحقهما.

«فوتو كوبي»

لأول مرة في تاريخ مهرجان القاهرة السينمائي الدولي منذ بداية انطلاقه عام 1976، يغيب الفيلم المصري عن المسابقة الدولية، وكان من المفترض أن يقع الاختيار من لجنة المهرجان التي ترأسها ماجدة واصف على فيلم «فوتو كوبي» لكل من محمود حميدة، وشيرين رضا، لكنهم فوجئوا باختياره ضمن الأفلام المشاركة في مهرجان الجونة في دورته الأولى في أكتوبر الماضي.