ينشغل المحامون هذه الأيام بانتخابات جمعيتهم، التي طالتها حتى شبكات التواصل الاجتماعي، بنشر العديد من الإنجازات التي حصدتها تلك القائمة، ثم قامت الأخرى ونسبتها لنفسها، مع نشر العديد من الصور والأخبار الصحافية التي توضح من بدأ ومن افتتح ومن أنجز، ثم الكشف عن إنجازات سيتم إعلانها مستقبلا، وغيرها من شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع، وستتبخر بمجرد انتهاء اليوم الانتخابي، كما تبخر غيرها من الشعارات.

وأتمنى مثلما ينشغل المحامون بهذه الانتخابات أن ينشغلوا على الأقل بطلب التقريرين الإداري والمالي عن أعمال مجلس الإدارة، الذي عادة لا نراه ولا نسمع عنه إلا بعد الانتهاء من عملية الانتخاب وإعلان مجلس الإدارة الجديد، وأن ينشغل المحامون عن محاسبة مجلس الإدارة عن الأعمال التي صمت عن القيام بها، وأوجه الصرف التي دفعها، وإن كانت دفعت بوجه حق أم لا؟

Ad

وما أتمنى أن ينشغل به المحامون هو توجيه السؤال لكل قائمة على حدة: ماذا فعلت عندما تولت زمام إدارة العمل بالجمعية؟ فكم من محام عمل في مجلس الإدارة الحالي حتى ينالوا شرف انتخابهم مجددا؟ وماذا فعل من تم انتخابه في الانتخابات الماضية أو التي سبقتها، أو من حظي بشرف الانتخاب وعاد مجددا ليطرح نفسه مرشحا، إبان عضويته في مجلس الإدارة؟ وما أعماله وجهوده كعضو بمفرده، وليس ضمن مجموعة عمل، منها اثنان أو ثلاثة فقط، بينما بقي الآخرون يحضرون الاجتماعات ولا يحركون ساكنا!

وعندما ينشغل المحامون فعليهم أن ينشغلوا بقانون مهنتهم، وتحديدا إقرار مواد تكفل مدة التدريب لمن ينضم عضوا فيها، مع تقنين باب الانضمام اليها عن طريق الأعمال النظيرة وخريجي الشريعة، والتقرير بقدر كاف لحصانة تليق بهم، وتحفظ عقودهم تجاه موكليهم، وألا تكون رهينة التقدير المضر لحقوقهم.

وعلى المحامين أن يسألوا المجالس المتعاقبة: ماذا فعلت دون استثناء عن بناء مستقبل مهنتهم نحو تنظيمها؟ وذلك نحو تحديد الحد الأدنى لأتعاب المحاماة في القضايا، لوقف بورصة الأتعاب التي ساعدت الموكلين في الحصول على أقل الأتعاب مقابل أسوأ الخدمات، وإبعاد من لا يتشرف بالبقاء فيها نحو مراجعة كشوف المؤجرين لمكاتبهم بالباطن، ومن يأوي محاميي الشنطة والتحصيل، والصادرة بحقهم أحكام مخلة بالشرف أو الأمانة أو من ثبت تكراره لمخالفة قوانين المهنة.

تلك القضايا التي أراها مستحقة هي التي يتعين على الزملاء الانشغال بها، ومساءلة كل من يترشح للانتخابات ماذا فعلت وماذا حققت للمهنة؟ واترك عنك من سارع إلى قص الشريط، أو من التقط صورة إلى جانب وزير، أو من طبل أو دافع عن آخر في الإعلام أو بشبكات التواصل الاجتماعي، والأهم من ذلك من حقق للمهنة، وماذا حقق ومن سيحقق؟ وما عدا ذلك لا شيء يستحق الانشغال.