لقد تابعنا خلال الأيام الماضية بياناً لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، عن تشكيل لجنة المناصحة وتوجيه الأئمة والخطباء في قطاع المساجد بالوزارة، لتقييم المستوى الفني والعلمي لهم، تختص اللجنة في تقييم المستوى الفني والعلمي للأئمة والخطباء من خلال حضور المحاضرات وسماعها ومناصحة الأئمة والخطباء فكرياً وعلمياً والتوجيه المناسب للإمام والخطيب متى ما تطلب الأمر ذلك.

هذا التوجه جميل، وكان من الأجدر إنشاء هذه اللجنة منذ زمن طويل، وقبل حملات جمع التبرعات وتجهيز الجيش الغازي الذي انبرى له مجموعة من شيوخ الدين والساسة، فراح ضحية خطبهم بعض الشباب الكويتيين بعد أن غُرر بهم فاندفعوا إلى الجهاد تحت راية دولة الضلال دولة الخلافة الزائفة دولة "أبو بكر البغدادي".

Ad

بما أن تداعيات انهزام دولة الخلافة ورجوع شياطين "داعش" إلى أوطانهم مستمرة فإن السؤال يظل قائماً حول قيمة برنامج المناصحة؟ وهل سيشمل القرار العائدين من سورية والعراق، أم أن الموضوع جاء كإجراء احترازي لحماية المجتمع من وجود بقايا لهذا الفكر المتطرف؟ وإن كان كذلك فالأجدر بالوزارة رصد كل من له يد في التحريض أول مرة والعمل على إنهاء عمله في الوزارة.

بعض مؤيدي برنامج المناصحة لمقاتلي "داعش" و"النصرة" يحاولون التبرير بأن هؤلاء ذهبوا بعد أن غُرر بهم دون توجيه، وعند اكتشافهم ضلال تلك الفصائل وزيف دولة الخرافة لم يتمكنوا من مغادرة ساحات القتال خوفاً من بطش تلك التنظيمات، ونقول لهم إن هؤلاء انضموا برغبتهم، وقد شاركوا في حرب ليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل، والبعض ارتكب أبشع الجرائم الإنسانية، لذلك لا مكان لتأهيلهم قبل تقديمهم للمحاكمة أسوة بما تفعله الكثير من الدول التي لديها مجاهدون أو مارقون، لا تختلف التسمية، فكلاهما وجه واحد لعملة الإرهاب.

هناك فرق شاسع بين العائدين من سجن غوانتنامو وبين العائدين من صفوف "داعش"، ففي الأول عادوا من أبشع سجن عرفه التاريخ، حيث خضعوا لكل أنواع التعذيب النفسي والجسدي وإلى محاكمات وتحقيقات استمرت سنوات، وعندما لم تثبت إدانتهم أطلق سراحهم بعد عمل رسمي وشعبي وشروط التزمت بها كل الأطراف، أما مجاهدو "داعش" فيريدون أن يعودوا لحياتهم الطبيعية وهم من قاتل ونحر لأجل دولة كل ما فيها ضلال.

"المؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين"، فتجارب المناصحة مع هؤلاء لم تجدِ نفعاً إلا لمن رحم ربي، لذلك التسويق لهذا البرنامج مرفوض شعبياً، ولا تقبله الديانات والأعراف الاجتماعية، فمن انضم إلى هذه الفصائل على المجتمع محاكمته وإنزال الحكم العادل فيه حتى لا يكون هناك مجال للتأويل أو للمطالبات اللاحقة من الدول المتضررة، كما هي حال قانون جاستا.

أخيراً هذه الأيام الشعب الكويتي مطالب أكثر من أي وقت مضى بالالتفاف نحو قيادته الرشيدة ممثلة بحضرة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح لما تحمله الأيام القادمة من تحديات كبيرة على المنطقة.

ودمتم سالمين.