ليس هناك تاريخ عريق للحكومات الكويتية وتشكيلها أو تفكيكها، حيث لم يبدأ "خلق" المؤسسات الأكثر تعقيداً إلا في بداية خمسينيات القرن الماضي، وذلك بعد ارتفاع دخل النفط من 4 إلى 60 مليون جنيه إسترليني دفعة واحدة، ومن ثم اتخاذ قرار البدء بخطة تنمية كانت تكلفتها 18 مليون إسترليني، ومن ثم توفير 42 مليوناً للبدء بتأسيس مكتب الاستثمار الكويتي بلندن.

لم تكن هناك مؤسسة مركزية كمجلس الوزراء، بل كانت مؤسسات متخصصة، كالبلدية والجمارك والأمن العام والشرطة والأوقاف والصحة والمعارف ومجلس الإنشاء، ثم اللجنة التنفيذية العليا سنة 1954. ومن دون مقدمات ظهر إلى الوجود ما اصطلح على تسميته بـ "مجلس الشيوخ الأعلى"، وهو أقرب شكل لما يمكن أن نطلق عليه مجلس وزراء، مع أنه لم يكن كذلك، فلا لوائح تنظمه ولا رئاسة مستقرة له، ولا محاضر تصدر عنه، ولا اجتماعات محددة، بل دورية وكيفما اتفق.

Ad

ومع رشة النفط في الخمسينيات بدأت أجسام جديدة تظهر على السطح تمت تسميتها الدوائر الحكومية كالصحة والمعارف والمطبوعات والنشر وغيرها. كل دائرة حكومية كان يترأسها شيخ من الأسرة، وهو بالتالي بمنزلة الوزير، ويديرها مدير هو بمنزلة وكيل الوزارة، وعادة يكون شعبياً.

كان ذلك أقرب الأجسام لما يمكن أن نطلق عليه اليوم وزارة. لكنها كانت تعاني الكثير من الالتباس والتداخل في الاختصاص وضعف الدراية بالمسائل المحاسبية، والتضارب مع الرؤية العامة.

ودللت أحداث فبراير 1959، وهي ما يمكن أن نطلق عليه أول تعديل وزاري، على أنه آن أوان تشكيل الحكومة، فالموارد آخذة في الازدياد والضغط على دولة الرفاه صار مستحيلاً دون تنظيم حقيقي، وتحويل الديوان الخاص إلى مؤسسة حكومية.

كان ذلك يتم مع ازدياد كبير في عدد الوافدين، بسبب زيادة الحاجة إلى العمالة لتلبية متطلبات خطة التنمية، التي تكاد تكون الخطة الوحيدة التي تم تنفيذها بالكامل، والتي لاتزال المخطط الهيكلي الأساسي الذي تدور حوله مشاريع الدولة حتى في وقتنا حالياً.

والشيء بالشيء يذكر، فإن حديقة الشهيد، جاءت على أنقاض مشروع قديم كان اسمه "مشروع الحزام الأخضر"، ليكون شريطاً من الأشجار محيطاً بالمدينة ومصدات طبيعية ضد الغبار، ولكن تم إهماله وتجاهله حتى أصبح مرتعاً للحشرات والفئران وغيرها من القوارض، فجاء من جاء وأحيا الفكرة مجدداً فخرجت بشكلها الجميل المعروف الآن.

في أحداث 1959 تمت تغييرات جذرية بما يمكن تسميته تعديلاً وزارياً، حيث تم دمج الأمن العام بالشرطة تحت رئاسة الشيخ عبدالله المبارك، ونائبه الشيخ سعد العبدالله، رحمهما الله، وكان لافتاً مثلاً نقل الشيخ صباح السالم، رحمه الله، من الشرطة إلى دائرة الصحة.

كان التطور السياسي آخذاً مجراه، وصارت دائرة المالية تحت رئاسة الشيخ جابر الأحمد هي مركز القوة بدعم من الأمير الشيخ عبدالله السالم، رحمه الله، حتى صرنا قريبين جداً من الاستقلال، والدخول في مفاهيم جديدة للتشكيل الحكومي، وتشكيل أول حكومة وأول مجلس وزراء. وللحديث بقية.