أول العمود:

Ad

إعلان عضو مجلس الأمة رياض العدساني نيته كشف تعيينات حكومية لأقارب نواب حاليين خطوة جريئة نحو إصلاح المؤسسة التشريعية.

***

أثير لغط كبير حول مسألة مناصحة المتطرفين دينياً، ومن بين ذلك عدم كفاءة الجهة المسؤولة وهي وزارة الأوقاف للقيام بهذه المهمة، وعدم وضوح خطط المناصحة، وضعف شفافية لجنة الوسطية.

وبين هذا وذاك تثار آراء ناقدة لقياديي الوزارة التي تحاول دوما نفي أي تقصير في أدائها. ولنا هنا رأي:

في ظني أن مسألة التطرف في الكويت وعلاجها يجب أن تخرجا من هذا الإطار العقيم وتدخلا في الإطار الأحوط وهو دولة القانون والدستور. ماذا نعني هنا؟ وماذا يترتب على الأخذ بهذا المنحى؟

أولا، يجب أن يندرج ما يقوم به المتطرفون من أعمال تحت طائلة القانون، وإن لم يكن كذلك فيجب على جهات التشريع معالجة هذه الثغرات، ومنها إن كان الفعل يضر بعلاقات الدولة الخارجية ومصالحها الاستراتيجية، أو مدى خطورة الفعل على المجتمع، وغير ذلك من المحذورات.

فالتعسف مع فئة دون سند من القانون بحجة أنها متطرفة قد يفرحنا اليوم، لكنه حتما سيصيب فئة أخرى لا صلة لها بالتطرف، ونذكر هنا حكم محكمة التمييز الصادر في فبراير ٢٠١٧ بعدم جواز تجريم من يتعاطف مع تنظيم إرهابي (داعش) ما لم يأت بدليل مادي على تعاطفه.

ثانيا، في أثناء تولي كل من الشيخ محمد الخالد والنائب والوزير السابق يعقوب الصانع على التوالي حقيبة وزارة الأوقاف تكشفت أمور كثيرة تصدرت عناوين الصحف، ومنها الفساد الإداري، وصراع التيارات الدينية على المناصب، وضعف الرقابة على عمل وأداء الوزارة، وخصوصا ما يتعلق بمسألة المناصحة التي تقوم بها لجنة الوسطية، ووضع بعض المساجد التي يشتبه في أنها مرتع لمتطرفين، ورصد بعض المطبوعات التي تحمل فكرا متطرفا.

لذا فإن جهود المناصحة وبرامجها يجب أن تكون خارج أسوار الوزارة، ونقترح هنا جامعة الكويت مثلا، وبتبعية مجلس الوزراء، وبإشراف أكاديميين في علوم النفس والاجتماع والطب، وشرعيين مستقلين على أن يتم توسيع مفهوم التطرف إلى مساحات أخرى ومنها العنف المستشري في البلاد.

ثالثا، يجب مراجعة دور الدولة هنا، وإخضاعه للدرس، ففي كثير من الحالات هناك وضع "موارب" ومتراخٍ تقوم به الدولة من دون تخطيط ربما، لكنه يبقى سلوك دولة، وما نقصده هنا غض الطرف عن جامعي التبرعات والأموال لتجهيز محاربين أو إعانة المنكوبين في بؤر توتر كسورية والعراق أو التسامح مع من يذهبون إلى تلك الدول ويعودون للكويت، هكذا بكل سهولة ويسر!

إذاً، فالمسألة أكبر وأخطر من حصر الموضوع في وزارة ينظر لها على أنها جزء من المشكلة، ويتم استهلاك أخطائها في تجاذبات سياسية لا طائل منها. التطرف في الكويت بدأ مراحل خطيرة حينما استشرى بين مواطنين من المذهب الجعفري- خلية العبدلي- وهو دليل على اختفاء دور الدولة وضعفه، وبدأت التصفيات بين الجماعات المتطرفة ذاتها.

في مسألة المناصحة نحن مطالبون كدولة ومجتمع بمعرفة الأشخاص الذين يقومون بهذا الجهد المضني وسيرهم الذاتية، والاطلاع على البرامج المقدمة للمتطرفين في العلن، وبيان النتائج بين فترات زمنية معلومة.

نقول ذلك لأن مسألة الإرهاب باتت دولية، والكويت مثلها مثل دول كثيرة مطالبة أمميا بتقديم تقارير دورية للجان تقصٍّ دولية حول إحرازها التقدم في مجال مكافحة الإرهاب وتمويله، ولذلك فإن وزارة الأوقاف وحدها لن تكون قادرة على حمل هذا الثقل، بل هي فشلت في ذلك.