يوم احتلت الإسكندرية جمعت قادتها وألقت فيهم كلمة:

- بعد انتصارنا بطرد الروم من مصر، مما جعل قائدهم ﭙروبس ينتحر ذلاً وعاراً، علينا أن نوحد بلاد الشام مع مصر، ونبني أسطولاً كبيراً لنضرب ضربتنا القوية!

Ad

- ما الذي تقصدينه جلالة الملكة زنوبيا بالضربة القوية؟

- أنت تعلم يا زابداس ما الذي أقصده، فبعد قيادتك العظيمة للانتصار الذي حققناه في مصر، فقد حان الوقت لغزو روما.

- مولاتي... تغزين روما؟

- ولم لا؟!... ألم يتحرك أسطولنا في البحر الأبيض حراً ويحتل الدلتا؟!

- لكن غزو روما ليس من البحر فقط يا مولاتي.

- أعرف هذا وسأغزوها من البر كذلك عن طريق البوسفور.

- ولكن يا مولاتي...

- قبل أن يفيق الإمبراطور من أثر الضربات التي تلقاها من كل جانب.

- هل مولاتي زنوبيا قد وضعت في اعتبارها أثر الإقدام على مثل هذه الخطوة؟

- نعم، فكلود إمبراطور روما رجل ضعيف، يمضي أوقاته طلباً للملذات ولعب النرد، وأرهق ميزانية الدولة بالديون، مما أفقد روما هيبتها، فعلينا استغلال كل هذه العوامل والظروف لنضرب ضربتنا.

***

• وطالت مدة استعداد زنوبيا لحملتها على روما، وفي هذه الأثناء أصيب الإمبراطور كلود بمرض الجدري، مما جعل شيوخ روما يصوتون لترشيح أورليان إمبراطوراً لروما، فلما وصلت الأخبار إلى زنوبيا جمعت قادتها:

- يجب التأني، فأورليان محارب ماهر وقاسي القلب، ولا يتورع عن حرق الأخضر واليابس من أجل روما.

• وكان أول ما قام به الإمبراطور أورليان أن بعث إلى ملكة تدمر- زنوبيا- يعرض عليها معاهدة سلام!... وبلعت هي الطعم معتقدةً أن الإمبراطور الروماني تعامل معها من موقع الندية، وأنها ستتساوى بالإمبراطوريتين الفارسية والرومانية، مما دفعها إلى صك النقود باسمها.

• لكن روما خرقت معاهدة السلام، واستعادت مصر هيمنتها وألغت التعامل بتلك النقود، بل إن جيش روما اتخذ الإجراءات الأولية للسير نحو مملكة تدمر، وتم له بالفعل الاقتراب من أنطاكيا، لكن زنوبيا استنفرت كل طاقاتها لتحول دون احتلال روما لأنطاكيا، فعرض عليها أورليان معاهدة سلام جديدة، فلم تجد ملكة تدمر غير القبول بالمعاهدة لتجعلها تدور في فلك روما التي كانت تخطط لغزوها.

***

• وكان قبولها بمعاهدة السلام تلك سبباً مكَّن روما من خرقها مجدداً، فهُدِمت مملكة تدمر حجراً على حجر، وأُحرقت كل مدنها.

ولأن زنوبيا في سبيل الحفاظ على مملكتها قد أحسنت الظن بمعاهدات السلام مع روما فكانت النتيجة أن سارت حافية الأقدام في موكب نصر أورليان في شوارع روما، وفي رقبتها طوق، وأمامها من سار يصيح: "هذه المرأة التي أرادت أن تقضي على روما".

• هكذا هي معاهدات السلام معهم منذ فجر التاريخ...!