يمثل قادة كاتالونيون انفصاليون الخميس أمام محكمة في مدريد للإدلاء بإفاداتهم أمام قضاة قد يوجهون إليهم تهمة التمرد، فيما رفض رئيس كاتالونيا الانفصالي المُقال كارليس بوتشيمون الحضور مندداً من بروكسل بـ«محاكمة سياسية».

ومن بين الأعضاء الـ14 في الحكومة المُقالة الذين تم استدعاؤهم للمثول أمام القضاء، خمسة لم يلبوا نداء المحكمة من بينهم بوتشيمون الموجود في بلجيكا منذ الإثنين.

Ad

وكان أول الواصلين إلى المحكمة الوطنية، المسؤول الثاني في الحكومة الكاتالونية اوريول جونكيراس تبعه ثمانية وزراء آخرين فيما تظاهر عشرات الأشخاص على مسافة، هاتفين باللغة الكاتالونية «لستم لوحدكم».

على خط مواز، مثلت رئيسة البرلمان الكاتالوني كارمي فوركاديل بالإضافة إلى خمسة نواب كاتالونيين أمام المحكمة الاسبانية العليا المجاورة، المختصة بقضيتهم بسبب امتيازاتهم البرلمانية.

وأعلنت المحكمة العليا ارجاء جلسة الاستماع إلى 9 نوفمبر بناءً على طلب وكلاء الدفاع، ولم يتمّ تحديد سبب هذا التأجيل لكن المحامين فوجئوا بمدة التأجيل القصيرة.

في المقابل، تستمر جلسة الاستماع في المحكمة الوطنية، وهي محكمة عليا متخصصة في القضايا الحساسة، إلى الوزراء في الحكومة الكاتالونية المُقالة.

وطلب المدعي العام الاسباني أن توجه إليهم جميعاً تهم اختلاس الأموال العامة والعصيان والتمرد، وقد تصل العقوبة القصوى للتهمتين الأخيرتين إلى السجن لمدة تتراوح بين 15 و30 عاماً.

ويتهمهم المدعي العام بـ«تشجيع حركة عصيان في صفوف الشعب الكاتالوني في مواجهة سلطة مؤسسات الدولة الشرعية لتحقيق هدف الانفصال»، متجاهلين قرارات القضاء من بينها منع تنظيم استفتاء تقرير المصير في الأول من أكتوبر الماضي.

وتؤكد السلطات الكاتالونية أن 90 بالمئة ممن شاركوا في الاستفتاء صوتوا لصالح الانفصال عن اسبانيا، فيما بلغت نسبة المشاركة في عملية الاقتراع 43 بالمئة، رغم تدخل الشرطة العنيف في بعض الأحيان لمنعهم من المشاركة.

واعتمدت السلطات على هذه النتائج التي يتعذر التحقق منها، لإعلان استقلال «الجمهورية الكاتالونية» في 27 أكتوبر.

وبعد بضع ساعات، بادرت الحكومة الاسبانية برئاسة ماريانو راخوي إلى وضع إقليم كاتالونيا تحت وصايتها، فأقالت حكومته وحلّت برلمانه ودعت إلى انتخابات إقليمية مبكرة في 21 ديسمبر.

وإذا قرر القضاة تنفيذ طلبات النيابة العامة، بإمكانهم ليس فقط توجيه التهم إلى القادة الانفصاليين فحسب، إنما الأمر بحبسهم احترازياً.

رفض بوتشيمون المثول أمام القضاء بعد أن لجأ إلى بروكسل برفقة أربعة من وزرائه المقالين وندد بـ«محاكمة سياسية».

وعرض في بيان تكتيكاً مدبّراً لتقسيم حكومته.

فكتب أن البعض سيمثل أمام المحكمة الوطنية «مندداً بإرادة القضاء الأسباني في ملاحقة أفكار سياسية» أما الآخرين فـ «سيبقون في بروكسل للتنديد أمام المجتمع الدولي بهذه المحاكمة السياسية».

واعتبر أحد أعضاء مكتب البرلمان الكاتالوني كان من المفترض أن يدلي بأقواله الخميس، جوان جوزيب نويت، أن موقف بوتشيمون «غير مسؤول».

وصرّح الأربعاء لراديو كاتالونيا «كل الذين ذكرت أسماؤهم للمثول قد ينتهي بهم الأمر في السجن الاحتياطي».

وقال سلف بوتشيمون أرتور ماس، رئيس هيئة الحكم الكاتالوني من 2010 حتى 2016، إلى الصحافة في مدريد إن الملاحقات القضائية تساهم في تنامي شعور الظلم في كاتالونيا.

وأضاف «إذا تنظرون إلى استطلاعات الرأي الأخيرة، ستستنتجون أن الشعور والرغبة بالاستقلال يكبران في بلدنا، كاتالونيا».

وأمام رفض بوتشيمون والوزراء الأربعة المثول، من المفترض أن تطلب النيابة العامة توقيفهم وأن يصدر القاضي الاسباني مذكرة توقيف أوروبية، وبناءً على ذلك، سيكون أمام القضاء البلجيكي مدة 60 يوماً لتسلمهم إلى اسبانيا، وهي مهلة قد تُرجئ عودته إلى ما بعد الانتخابات في 21 ديسمبر.

ويمكن لبوتشيمون أن يطلب الادلاء بأقواله في بلجيكا، حسب ما قال محاميه البلجيكي الذي سبق أن جنّب اسبان باسكيين يُشتبه بانتمائهم إلى منظمة «إيتا» الانفصالية الباسكية، الذهاب إلى اسبانيا.

وأوضح المحامي بول بيكارت للتلفزيون الكاتالوني «تي في 3» أن بوتشيمون «لن يذهب إلى مدريد، اقترحت استجوابه هنا في بلجيكا».

يرى المحللون في سلوك بوتشيمون استراتيجية انتخابية قبل 50 يوماً من الانتخابات التي يأمل الانفصاليون الفوز خلالها بالأكثرية التي استخدموها في نوفمبر 2015 لبدء عملية الانفصال.

وصرّح المحلل السياسي فيرناندو فيلاسبين في مدريد لوكالة فرانس برس أن بوتشيمون يسعى بلجوئه إلى بروكسل، إلى «لفت انتباه الإعلام أكثر مما يريد تجنب المثول أمام القضاء».

وفي برشلونة، دعت الجمعية الوطنية الكاتالونية الانفصالية إلى تظاهرتين، الأولى أمام مبنى الحكومة والثانية مساءً أمام البرلمان، احتجاجاً على الملاحقات القضائية.