دخل مجلس الأمة في عطلة إجبارية، نتيجة استقالة الحكومة، على أثر ما آلت إليه نتائج استجواب وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الاعلام بالوكالة الشيخ محمد العبدالله، وصدور مرسوم اميري بقبولها، إذ قام على اثر ذلك رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم برفع الجلسة العادية التي كانت مقررة أمس الى حين تشكيل الحكومة الجديدة.

ونتيجة معرفة الموقف المسبق من عدم انعقادها، لم يحضر الى قاعة عبدالله السالم عند الساعة التاسعة من صباح الأمس سوى 6 نواب، وقال الغانم: «نظراً لاستقالة الحكومة وصدور أمر أميري بقبولها، ونظرا لعدم وجود الحكومة، وعدم وجود نصاب، ونظرا لعلمي بعدم حضورها ترفع الجلسة لحين تشكيل حكومة جديدة».

Ad

وحضر من النواب كل من عبدالله الرومي وشعيب المويزري ورياض العدساني وعبدالكريم الكندري واسامة الشاهين وسعود الشويعر، وتأتي العطلة الاجبارية للمجلس على مستوى الجلسات بعد اسبوع واحد من افتتاح دور الانعقاد الثاني، عقب عطلة رسمية استمرت نحو اربعة اشهر.

وفي تصريحات نيابية، دعا عدد من النواب الى تشكيل حكومة قوية تضم رجال دولة، بعيدا عن المحاصصة، ودعا النائب محمد الدلال سمو رئيس مجلس الوزراء إلى إعادة النظر بمنهجية اختيار الوزراء في الحكومة المرتقبة والاعتماد على معايير القوة والكفاءة والقدرة على العمل الجماعي والإدارة الرشيدة لتحقيق التعاون بين السلطتين.

وقال الدلال، بالمركز الإعلامي في مجلس الأمة: «حسنا فعلت الحكومة بتقديم استقالتها لسمو الأمير، فنحن أمام مرحلة جديدة تتطلب التعامل معها بكل جدية، وأن تتعلم الحكومة من تجاربها وأخطائها السابقة»، مبينا أن المنهجية التي شكلت بها الحكومات في السنوات السابقة لم تأت بنتيجة.

وأكد ضرورة أن تضع الحكومة الجديدة ضمن أولوياتها للمرحلة المقبلة الاستعداد للمخاطر والتحديات الأمنية التي تناولها خطاب صاحب السمو في افتتاح دور الانعقاد، مشيرا إلى أن المراوحة في الحالة السياسية نفسها ليس في مصلحة البلد.

وزراء مجتهدون

من جهته، قال النائب خالد العتيبي «إن عدم رضائنا على عدد من الوزراء في التشكيلة المستقيلة لا يعني ان كل الوزراء السابقين على هذا النحو»، مؤكدا ان الفريق الوزاري السابق ضم مجموعة من الوزراء المجتهدين الذين أثبتوا تعاونهم مع المجلس في العديد من القضايا، وكانوا سباقين في تحديد مكامن الخلل في وزاراتهم والجهات التابعة لهم، ونجحوا بالفعل في محاولة اجتثاث ذلك الخلل أو على الاقل بدأوا فيه، متمنيا ان ينال هؤلاء فرصة العودة للمنصب الوزاري «لاستكمال ما بدأوه».

وحذر العتيبي من أن تأتي التوازنات السياسية للحكومة القادمة على حساب الكفاءات، قائلا: هناك ضرورة ملحة لكي تغير الحكومة آليتها في الاختيار، وعليها أن تبتعد عن مبدأ الترضيات السياسية وتتوسع في اختيار الشخصيات المستقلة الكفؤة، فالكويت زاخرة بالنماذج القادرة على النهوض بالعمل التنفيذي اذا اعطيت لهم كل الصلاحيات.

وزاد: «ما ننتظره ليس مجرد تشكيل حكومي بـ15 وزيرا، ولكننا ننتظر مشروع دولة قادرا على معالجة كل الاختلالات، على ان يكون بحجم كلمة صاحب السمو أمير البلاد (التي تفضل سموه بإلقائها في الجلسة الاخيرة امام الأمة) تستطيع الحكومة من خلال هذا المشروع وفي السنوات القليلة المقبلة، ان كانت تسعى للتعاون وتنفيذ الرؤية التشريعية للمجلس، طرح اجندتها تجاه الإصلاح ومحاربة الفساد والحفاظ على المال العام، والتعاطي مع القضايا الشعبية التي يئن منها المواطن بشكل يومي».

علامة فارقة

بدوره، طالب النائب ماجد المطيري بتشكيل حكومي جديد يراعي متطلبات الشعب الكويتي بوزراء قادرين على التعامل مع الملفات المحلية والإقليمية ويضع في اعتباره خطورة المرحلة الراهنة وضرورة التأهب لأي أحداث طارئة ومتغيرات اقليمية.

وقال المطيري في تصريح صحافي إن التشكيل المرتقب سيكون علامة فارقة في تاريخ الكويت لأنه يأتي بعد الخطاب التاريخي لسمو أمير البلاد في افتتاح دور الانعقاد الحالي، اذ شخص سموه الأوضاع والأخطار التي تحيط ببلدنا وطالب بمتغيرات دستورية ويقظة حكومية وشعبية تساهمان في عبور سفينة الكويت إلى بر الأمان وتجاوز المرحلة السياسية الحالية.

ودعا المطيري رئيس الوزراء المكلف بوضع جميع الاعتبارات السابقة نصب عينيه عند اختيار الوزراء لتجنب البلاد مطبات اخرى مقترحا استبعاد الوزراء الذين قصروا في أداء مهامهم كما ينبغي خلال الفترة الماضية والذين اخفقوا في إدارة وزاراتهم والذين قد تشكل عودتهم أزمة سياسية.

وحض المطيري على وضع التحديات المحلية والإقليمية في عين الاعتبار خلال مشاورات تشكيل الحكومة وصولا إلى اختيار وزراء على مستوى تلك التحديات لافتا إلى أن استحقاقات المرحلة المقبلة أكبر من مساعي البعض للدفع بتوزير شخصيات سبق أن أحيلت إلى التقاعد على خلفية ما ارتكبته من تجاوزات إدارية ومالية جسيمة خلال توليها مناصب قيادية.

وفضل المطيري اختيار وزراء رجال دولة قادرين على العمل وخدمة الكويت وشعبها بأمانة وإخلاص، مؤكدا أهمية الاعتماد على عناصر تكنوقراط بعيدا عن سياسة المحاصصة التدميرية التي ثبت فشلها باعتبارها سياسة ترسخ مبدأ الفرقة وخدمة أجندات لفئة معينة ومطالبا بالاسراع في الاعلان عن التشكيل الحكومي الجديد حتى تنطلق عجلة التنمية والانجاز ويتحقق التعاون المنشود بين السلطتين.