أحب أن أشير إلى أني لست هنا خبيراً دستوريا، لذلك "خذوني على قد عقلي" المتسائل البسيط، وما سأطرحه هنا هو رأي بالخبرة، لأني ناخب مخضرم شهدت طوال سنوات نقاشات وسجالات بين أساطين الدستور وخبرائه حول الموضوع ذاته الذي سأتناوله في هذا المقال، هذا الموضوع يتعلق بتصريح رئيس المجلس السيد مرزوق الغانم بعدم عقد الجلسات حتى تتشكل الحكومة.

والغريب أن الغانم قد أخذ بالرأي الأضعف، وترك الرأي الأقوى دستورياً، وهو ما حدده خبراء الدستور بصحة عقد الجلسات حتى مع استقالة الحكومة أو عدم حضورها، واعتمدوا في ذلك على مبدأي الفصل بين السلطات والتعاون بينها الذي نصت عليه المادة 50 من الدستور، وجاءت المادة 51 لتجعل السلطة التشريعية سلطة قائمة بذاتها لا ترتبط ممارستها لصلاحياتها على قيام الحكومة أو استقالتها، كما أن المادتين 90 و97 قد حددتا زمان انعقاد الجلسات ومكانه، ولم تذكرا حضور الحكومة كشرط لصحة عقد الجلسات، بالإضافة إلى أن تأجيل الجلسات يجرح مدة دور الانعقاد، فإذا كنّا سننتظر الحكومة حتى تتشكل فكم سيضيع من أشهر الانعقاد الثمانية، وما سيترتب على ذلك من تعطيل لواجبات المجلس وحقوق المواطنين؟

Ad

النقطة الأهم أن المجلس حتى مع استقالة الحكومة لا يفقد دوره الرقابي، وحسب المادة 103 فإن الحكومة المستقيلة تُمارس عملها وتصريف العاجل من الأمور، والعاجل هنا مرتبط بحضور الجلسات لأن الوزير، وحسب المادة 80، هو عضو بمجلس الأمة بحكم وظيفته، كما أن فترة الاستقالة تسمى "فترة ريبة"، فلابد من مراقبة أداء الحكومة عبر نواب المجلس، وهذا لا يكون إلا بجلسات منعقدة تحت قبة عبدالله السالم، أما المادة 116 التي تنظم حضور الحكومة الجلسات، والتي استند إليها كما أتوقع السيد مرزوق الغانم، فهي شأن تنظيمي بحت لا يلغي كل ما سبق من المواد الدستورية المذكورة، ولو كانت المادة مرتبطة بصحة انعقاد الجلسات لوضعت ضمن المواد 90 و97 المحددة لشروط انعقاد الجلسات.

السيد مرزوق الغانم والسادة أعضاء مجلس أمتنا الموقر، المواد التي تعطل الجلسات هي فقط 106 و107 لا غير، وحتى المادة 181 الخاصة بالحكم العرفي تؤكد عدم جواز تعطيل جلسات مجلس الأمة أثناء تطبيقها، فما بالكم بـ"حيا الله" استقالة حكومة؟