في وقت تقترب عملية الاقتراع لانتخابات جمعية المحامين لم تتغير مظاهر العملية الانتخابية بين أوساط المحامين هذا العام، ولم تتبدل أو يطرأ عليها أي تحول أو تقدم، وهي برأيي مأساة حقيقية، إذ تقوم العملية الانتخابية بطرفيها المرشح والناخب على أساس مذهبي وطائفي وفئوي وقبلي، وهي لا تقل تماماً عن المرض الانتخابي المستشري في البلاد، والذي يحكم قناعات الناخب الكويتي في أي منظومة يتسنى له الانتخاب فيها، حيث تكون القناعة وليدة الطائفة أو القبيلة أو المذهب!

تلك الكارثة لم تشوه الصورة أمام الناخب المحامي في اختيار مرشحيه فقط، بل أوجدت أمثلة سيئة فرضتها الطائفة والقبيلة عليه، وجعلته رهيناً لتلك الاختيارات، وما عليه إلا أن يختار بين نار الطائفة والقبيلة التي ستحرق بيت المحامين، أو نار مقاطعة العملية الانتخابية برمتها، والتي ستمكن من لا يملكون الخبرة في إدارة شأن المحامين ولا الدفاع عن مصالحهم أو المطالبة بحقوقهم!

Ad

مخجل جداً أن تقوم فكرة الانتخاب بين من يفترض أنهم مصنفون الأعلى فكراً ووعياً على تلك الاعتبارات المعيبة التي يرفضها القانون وقبله الدستور، وهم الأولى باحترامهما وتطبيقهما عليهم، بل ومن المخجل أيضاً أن من يحارب تلك الاعتبارت علناً على مستوى انتخابات مجلس الأمة يتعامل بها في انتخابات جمعية المحامين!

تلك الاختيارات السيئة لن تأتي للمهنة بقيادات تساهم في رفعتها وعلو شأنها، بل ستأتي بقيادات ستساهم في استمرار تدهور المهنة وتراجعها، وهو الأمر الذي عاد عليها وعلى منتسبيها سنوات بالضرر وسيتضاعف للأسف في المستقبل، بسبب استمرار ذات النهج والسلوك باختياراتنا التي ستقودنا في الغد إلى المصير ذاته، أو إلى تغييره بقناعتنا الحرة لا بمن فرضوه علينا!

في المقابل، انشغلت المجالس السابقة وللأسف، بتحقيق أنشطة لا تحقق الطموح ولا الغاية من وجودها للعمل جدياً على إقرار قانون كالمحاماة، ينظم المهنة ويصلحها وينقيها من الشوائب، وإيجاد حلول للمشاكل التي يعانيها المحامون ومكاتبهم لدى مؤسسة التأمينات الاجتماعية ووزارة الشؤون وجهاز دعم العمالة، وآلية العلاقة مع وزارتي العدل والداخلية، وهي مشاكل أرهقتنا كمحامين، وأصبحت شغلنا الشاغل، في حين تنشغل الجمعية ومسؤولوها بإعداد الكتب والتقاط الصور مع مسؤولي الوزارة، فيما يعيش المحامون أسوأ أيام حياتهم المهنية في محاكم الرقعي والأسرة المنتشرة في محافظات البلاد!

ليست تلك المأساة التي نعيش، بل إن الجمعية ومن يديرها لا ينصتون، وللأسف بمجرد وصولهم إلى مجلس الإدارة، إلى آراء المحامين، فقبل تطبيق قانون محكمة الأسرة بأربعة أشهر حذرنا هذه الجمعية، على سبيل المثال، من تطبيق قانون الأسرة، وطالبناها بالتنسيق مع الوزارة، خشية وقوع كارثة ستحل بنا جميعاً، إلا أن الجمعية امتنعت عن اتخاذ أي موقف حيال مهزلة تطبيق القانون، وتعمدت على غض طرف كارثة تطبيقه، بل أعدت ندوة للأسف لتسويق أحكامه، وما أن رحل الوزير بدأت بمهاجمة الوزير الجديد عن مسلك سلفه!

وعندما انتقدنا مشروع قانون مجلس الدولة لتضمن أحكامه مخالفة واضحة للدستور، وتكريسه نظرية أعمال السيادة، وإبعاد رقابة القضاء عن مسائل الجنسية، وتمكين تعيين رئيس إدارة الفتوى كرئيس للمحكمة الإدارية العليا التي ستتولى وضع المبادئ التي سيسير عليها قضاء مجلس الدولة، انبرت قيادات الجمعية للدفاع عن هذا المشروع، حفاظاً على مصالحها مع الوزير، وبدأت تتبنى وجهة نظره، رغم أن الاعتراض على المشروع كان بسبب سوء صياغته، ولم يكن على مبدأ وجوده كما سمح به الدستور!