تشمل الخيارات العلاجية التي تُستخدم اليوم لمواجهة سرطان الأمعاء علاجات موضعية، كالجراحة، أو الأشعة، أو الاستئصال، أو علاجات نظامية، من بينها العلاج الكيماوي، والعلاج المناعي، وبعض أشكال العلاج المستهدف.ولكن كما توضح فيفيان لي، باحثة بارزة في الدراسة الجديدة، «يُعتبر معظم العلاجات الراهنة لسرطان الأمعاء عاماً، إلا أن العلاجات المستهدفة ستسهم في المستقبل في تطوير علاجات طبية شخصية خاصة بكل حالة».حدّد البحث الجديد بروتيناً «قد يشكّل هدفاً علاجياً بالغ الأهمية في علاج سرطان الأمعاء»، وفق لي التي تعمل أيضاً قائدة مجموعة في معهد فرانسيس كريك. تولت لورا نوفيلاسديمونت، باحثة من معهد فرانسيس كريك، وضع تقرير هذه الدراسة، ونُشرت الاكتشافات التي توصلت إليها في مجلة Cell Reports.
دراسة جينة APC
يوضح الباحثون أن سرطان القولون والمستقيم يرتبط بطفرة في ما يُدعى جينة APC. في شكلها الطبيعي، تُعتبر هذه الجينة مسؤولة عن شفرة بروتين APC، الذي يعمل مثبطاً للأورام.في الحالات الطبيعية، تحول جينة APC دون خروج الخلايا عن مسارها الطبيعي، ما يمنع بفاعلية السرطان من الانتشار. لكنّ شكل هذه الجينة الطافر يرتبط بأمراض عدة، من بينها سرطان القولون والمستقيم. فقد تبيّن أن هذه الطفرة ترتبط بارتفاع احتمال الإصابة بسرطان القولون بنسبة 10% إلى 20%.يبدو أن طفرات جينة APC تجعل مسار إشارات خلوياً محدداً يُدعى مسار Wnt مفرط النشاط.تذكر نوفيلاسديمونت وزملاؤها أن مسار Wnt يؤدي دوراً أساسياً في ضبط استتباب الأنسجة البالغة (أي الحفاظ على التوازن السليم بين انتشار الخلايا وموتها في النسيج).نتيجة لذلك، يكون معظم التدخلات العلاجية التي تستهدف مسار إشارات Wnt سام لأجزاء عدة من الجسم. يكتب الباحثون: «اتضح أن استهداف مسار Wnt بالأدوية ساماً لعملية نمو الأنسجة الطبيعي التي تعتمد على هذا المسار كما في الأمعاء، ما يحدّ بالتالي من فاعلية العلاج المضاد للأورام».علاج أفضل
لكنّ الباحثين تمكّنوا، باستخدام أداة كريسبر لتحرير الجينوم، من أزالة جينة APC في مواضع مختلفة واكتشفوا عدداً من المتغيرات الجينية التي تنشّط Wnt على مستويات مرضية.تفكّ المتغيرات الجينية شفرة بروتين يُدعى USP7. وبالاعتماد على التحرير الجيني والأدوية، نجح الباحثون في استنفاد هذا البروتين.قاد استنفاد هذا البروتين إلى تراجع إشارات Wnt في الخلايا الخبيثة وأخّر نمو الأورام في الفئران. واللافت أن هذا التدخّل استهدف إشارات Wnt في خلايا الأورام وحدها من دون أن يحدث خللاً في إشارات الخلايا السليمة.يكتب الباحثون: «يقتصر دور Wnt في تنشيط USP7 على طفرات APC. لذلك من الممكن استخدامه كهدف علاجي مخصص للأورام في معظم حالات سرطان القولون والمستقيم».توضح نوفيلاسديمونت: «نشأت الحاجة منذ زمن إلى أدوية أكثر فاعلية وأقل سمية لعلاج سرطان الأمعاء. وتوصلنا اليوم إلى هدف علاجي جديد قد يشكّل أساساً لعلاج أفضل للمرضى في المستقبل».يخطِّط الباحثون بعد ذلك للتحقق مما إذا كان محو كامل الجينة التي تفك شفرة بروتين USP7 يحول دون ظهور سرطان القولون والمستقيم في الفئران.