قد يفاجأ الكثير بنتائج استجواب وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الإعلام، والتي جاءت سريعة وغير متوقعة لمجلس أعلن أكثر من نصف أعضائه الهدنة السياسية مع الحكومة، وكان مثالاً للخنوع خلال السنة الماضية، فبمجرد تقديم ورقة طلب طرح الثقة بدأ النواب يتهافتون تباعاً على إعلان تأييدهم لإقالة الشيخ محمد العبدالله المبارك وفي ساعات متأخرة من الليل!

البعض اعتبر التضحية بالوزير العبدالله مؤامرة من خارج البرلمان، ومن قبل أطراف من الأسرة بالتنسيق مع أطراف برلمانية، في حين اعتبرها الآخر بداية لولاءات سياسية جديدة، حيث لم يعد الوزير قادراً على تلبية المطالب الخاصة لعدد كبير من النواب، في مقابل سيناريو آخر هو حماية بقية الوزراء ورئيس مجلس الوزراء عبر تعديل وزاري قد يشمل إزاحة عدد قليل من الوزراء وتدوير المستهدفين منهم.

Ad

قد تحمل هذه التفسيرات جانباً من الصحة، خصوصا بالنسبة إلى النواب المحسوبين على الحكومة، ولكن القشة التي قصمت ظهر البعير هي نواب المعارضة الذين أعطوا صك الحصانة لرئيس الوزراء في بدايات المجلس، ولكنهم انقلبوا عليها، والثقل العددي لهؤلاء النواب كفيل بإسقاط الحكومة برمتها لا أحد وزرائها، علماً أن تصريحات بعض هؤلاء النواب قبل أيام قليلة كانت معارضة بشدة لاستجواب العدساني– الكندري، فما الذي حصل؟!

لعل هذا التغيير المفاجئ منبعه قوة الاستجواب، ومحاوره بالدرجة الأولى، إضافة إلى فشل مفاوضات اللحظة الأخيرة في تلبية مطالب نواب المعارضة حول سحب الجناسي وإعادة تعيين المحسوبين عليهم في مناصب قيادية، ومنها الملحقيات الثقافية في الخارج وإدارة الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب والأمانة العامة بجامعة الكويت، وهي من الوعود التي لم تلتزم بها الحكومة، وإدراك النواب أنها تراهن على كسب المزيد من الوقت، ومن خلال الرقم العددي الذي تتمتع به كتلة النواب من المعارضة الدينية يمكنها فرض مطالبها من جديد بما في ذلك توزير أحد نوابها في التشكيلة الجديدة أو تحقيق مطلب استرجاع الجناسي.

هذه اللعبة السياسية اختلقتها الحكومة، لكنها لم تلتزم بوعودها، فانقلبت عليها الطاولة وباتت في موقع التسلّل السياسي، والسؤال المبدئي هو: هل تتعظ الحكومة من هذا الدرس، ومن محاولات إبرام الصفقات من تحت الطاولة؟ السيناريوهات القادمة في اعتقادي ليست في مصلحة الحكومة، والرقم الذي تحقق يوم الثلاثاء القادم كفيل باستمرار الاستجوابات القابلة للإطاحة بأي وزير، وحتى التدوير الوزاري لن يجدي أو ينقذ الحكومة، فأي تراجع للثلاثين نائباً الذين أيدوا طرح الثقة بالوزير محمد العبدالله سيحرجهم شعبياً، ولو استجابت الحكومة لمطالب نواب المعارضة فستعرض نفسها لمزيد من الضعف والمطالب الإضافية، وبالتالي تستمر هذه الدوامة السياسية حتى سقوط الحكومة أو مجلس الأمة، وقد يكون هذا الاحتمال الأرجح قبل بداية السنة الميلادية الجديدة!