أنهى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أمس، زيارته لفرنسا، التي التقى خلالها نظيره إيمانويل ماكرون وكبار رجال الدولة الفرنسية، بما يعزز العلاقات الاستراتيجية بين الدولتين، خاصة مع تنامي العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين القاهرة وباريس خلال الأعوام القليلة الماضية، في حين وصف مراقبون الزيارة بالناجحة، لكونها أكدت التعاون بين الرئيسين، في أول قمة بينهما منذ تولي ماكرون السلطة في 14 مايو الماضي.

وزار السيسي مقر وزارة الاقتصاد والمالية الفرنسية، صباح أمس، حيث كان في استقباله وزير الاقتصاد والمالية، برونو لومير، وقالت الرئاسة المصرية، في بيان، إنه تم عقد جلسة مباحثات أشاد في بدايتها الوزير الفرنسي بما تشهده علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين خلال السنوات الأخيرة من تطور ملحوظ، مؤكدا إعجابه ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل الذي تنفذه الحكومة المصرية.

Ad

من جانبه، أكد السيسي الأهمية الخاصة التي توليها مصر لتطوير علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع كل الدول الصديقة، وعلى رأسها فرنسا، مشددا على حرص مصر على الارتقاء بمستوى التعاون الاقتصادي والاستثماري مع فرنسا، من خلال تنفيذ مشروعات مشتركة تلبي مصالح الطرفين، وتسهم في خلق فرص العمل، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

وأعرب السيسي عن تقديره لحرص فرنسا على دعم خطط التنمية المصرية عبر الآليات التنموية المختلفة، فضلا عن النشاط الواضح للشركات الفرنسية في مصر، وأشار إلى ما يتيحه برنامج الإصلاح الاقتصادي من فرص جديدة لتوسيع نشاط هذه الشركات، خاصة مع ما يتوافر لمصر من سوق كبير وموقع استراتيجي يتيح لها أن تكون مركزا للإنتاج وتصدير المنتجات إلى أسواق الدول الإفريقية والعربية، والتي ترتبط مع مصر بعديد من اتفاقيات التجارة الحرة.

وشهدت زيارة السيسي التوقيع على 16 اتفاقية تعاون بين مصر وفرنسا، أبرزها الاتفاق التنفيذي لقرض الوكالة الفرنسية للتنمية لدعم قطاع الطاقة بالموازنة المصرية، والاتفاق التنفيذي لقرض الوكالة لتطوير عدد من مراكز الرعاية الصحية الأولية في خمس محافظات مصرية، والاتفاق التنفيذي لقرض تقديم مساعدة تقنية لوزارة الكهرباء والطاقة، ومذكرة تفاهم حول صيانة الخط الأول لمترو الأنفاق في القاهرة.

من جهته، علق أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، على الزيارة قائلا لـ «الجريدة»: «تكتسب الزيارة أهميتها من أن فرنسا دولة مهمة على الساحة الدولية، بالتوازي مع الطفرة التي تشهدها العلاقات بين البلدين، فالزيارة تهدف إلى البناء على القفزة الكبيرة في التعاون المشترك، خاصة في المجال العسكري، في ظل سعي مصر إلى تنويع مصادر شراء السلاح من أكثر من دولة».

جولة حاسمة

على صعيد ملف مضي إثيوبيا قدما في بناء سد النهضة غير مهتمة بالمطالبات المصرية بوضع اشتراطات حول ملء بحيرة السد، وسط توقعات بأن يخصم السد من حصة مصر التاريخية من مياه النيل المقدرة بـ 55.5 مليار متر مكعب، علمت «الجريدة» أن جولة جديدة من المفاوضات الخاصة بالسد يجري الإعداد لها بالتنسيق بين مصر والسودان وإثيوبيا، بهدف التوصل إلى حل نهائي للنقاط الخلافية حول كيفية إدارة ملء خزان السد.

وتعول القاهرة على أهمية الاجتماع المرتقب الذي تصفه بـ «الحاسم»، لاستكمال مناقشة نقاط الخلاف الأساسية حول بنود تقارير المكاتب الاستشارية والوصول إلى توافق والإسراع في تنفيذ الدراسات المطلوبة، قبيل الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ميريام ديسالين، إلى القاهرة قبل نهاية العام الحالي.

وقال مصدر رفيع المستوى لـ «الجريدة»، إن جهات سيادية أعدت تقارير عدة بشأن أزمة السد، خاصة في ظل مماطلة الجانب الإثيوبي في تقديم التزامات واضحة، وأضاف: «المعلومات المتوافرة تؤكد أن السد ستكون له أضرار مستقبلية على مصر، وسيؤدي إلى تناقص حاد في حجم المياه التي تستقبلها مصر، وأن أديس أبابا تتعمد استهلاك الوقت لكي تفرض الأمر الواقع، ولا تنتظر أي نتيجة من المسار التفاوضي». وأشار المصدر إلى أن هناك مقترحا بلجوء القاهرة إلى البنك الدولي لكي يتم تعطيل مصادر تمويل بناء السد، لحين الوصول إلى اتفاق مع إثيوبيا يضمن حقوق مصر التاريخية، خاصة أن أديس أبابا رفضت خلال المسار التفاوضي الطويل، الالتزام كتابة بأي تعهدات أمام مصر والسودان، وتابع: «هناك مسار آخر تبحثه القاهرة، وهو اللجوء إلى الأمم المتحدة بملف كامل يكشف حجم الأضرار المتوقعة التي ستتعرض لها مصر بسبب السد».

بدوره، قال مستشار وزير الري الأسبق، نادر نورالدين، لـ «الجريدة»: «من الواضح للجميع أن أديس بابا تعتمد سياسة التسويف، من أجل كسب الوقت وفرض الأمر الواقع، عبر البدء في ملء بحيرة السد خلال موسم الفيضان القادم الذي يبدأ في يونيو المقبل، على مدار 3 سنوات، دون اعتبار للمطلب المصري بالملء خلال 6 سنوات».

دقيقة حداد

في غضون ذلك، بدأ مجلس الوزراء المصري برئاسة شريف إسماعيل، اجتماعه الأسبوعي أمس، بالوقوف دقيقة حداد على أرواح ضحايا حادث الواحات الإرهابي الجمعة الماضي، ناقش المجلس بعدها الملف الأمني للبلاد، وما يتعلق بالجهود المبذولة لملاحقة العناصر الإرهابية التي نفذت حادث الواحات الإرهابي.

وتم خلال اجتماع المجلس تناول الأوضاع الاقتصادية وجهود جذب الاستثمار، إذ وافق المجلس على اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار، كما وافق نهائيا على قانون التأمين الصحي، وإحالته مباشرة إلى مجلس النواب بعد مراجعته من مجلس الدولة عقب إجراء المراجعات اللازمة.

درع وسيف

وبينما تتواصل عمليات تأمين الحدود الغربية لمصر، قال وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، إن رجال القوات المسلحة والشرطة هما درع الوطن وسيفه في مواجهة التطرف والإرهاب وكل من يحاول استباحة أرض مصر وحدودها وسيادة شعبها وسلامة أراضيها، وطالب صبحي خلال لقاء له مع مقاتلي القوات المسلحة بنطاق المنطقة المركزية العسكرية، أمس الأول، باليقظة والاستعداد الدائم والحفاظ على أعلى معدلات الكفاءة والاستعداد القتالي لتنفيذ كل المهام التي تسند إليهم تحت مختلف الظروف.