منذ سنوات طرح محمد صبحي مشروع «مدينة سنبل»، وهو طالما تحدّث عن رغبته في إقامة مشاريع أخرى عليها، من بينها دار للأيتام وأكاديمية للفنون، لكن قلة الإمكانات المادية وقفت حائلاً بينه وبين تنفيذ مشروعاته الفنية. كذلك كان إنتاج المدينة ضئيلاً للغاية، فقرر الفنان المصري، كما صرح، أن يدخل في شراكة مع رجل أعمال كبير يصبح ممولاً للمشروع، وينفق على الشباب أصحاب المواهب، كذلك وضع خطة لإنتاج مجموعة مسرحيات وصل عددها إلى 15 مسرحية يطلقها خلال الفترة المقبلة.

محمد صبحي أكّد أنه لم يبع المدينة للدكتور حسن راتب، بل إن هذه الشراكة هدفها تطوير المدينة بالكامل، وهما يستعدان لإنشاء أكاديمية للفنون وفق أحدث مستوى، وتطويرها خلال الفترة المقبلة، والهدف من ذلك بناء أجيال فنية واعدة، واضعين إعلاء المبادئ والقيم نصب أعينهم. كذلك ترك مجلس إدارة المشروع بالكامل للدكتور حسن راتب.

Ad

وأشار رجل الأعمال حسن راتب إلى الصداقة التي جمعته بالفنان محمد صبحي، والمشوار الطويل الذي توافقا خلاله في الرؤى والأفكار، موضحاً أنه يعتبره أستاذاً في الفنون الهادفة في الوطن العربي، لذا «يهدف من خلال هذه الشراكة إلى أن تكون أكاديمية «سما سنبل» منبراً تنويرياً، وكياناً لبناء العقول ومنح الفرصة للإبداع، وتأكيد أهمية القوى الناعمة والحفاظ على الهوية المصرية.

يُذكر أن مدينة صبحي كانت تتبنى بعض الأطفال والشباب، ويشركهم الفنان في أعماله الفنية، وأصبحوا نجوماً من خلاله، ذلك من دون أغفال تعليماته وشروطه الخاصة لدى الفنان الذي يدخل مدرسته ويكمل فيها. وكان للطفلة ريم أحمد آنذاك نصيب مهم من أعمال صبحي، إذ استعان بها في مسرحيته «ماما أميركا» لتؤدي دور الابنة الرابعة، وقدّمها للجمهور أيضاً في «يوميات ونيس»، وحققت معه نجاحات كبيرة خلال أجزاء العمل.

وتوضح الفنانة أن محمد صبحي بدأ يدربهم من خلال تمرينات مكثفة في سن صغيرة في مركز الإبداع، وطلب من والدتها قراءة المسرحيات من الأدب الغربي والإغريقي. وتتابع: «كان يسألني عما استفدته من القراءة وماذا أحببت. وفي المسرح، علّمنا الأخلاقيات بدءاً من الالتزام بمواعيد الحضور، وصولاً إلى ضرورة احترام الجمهوره، الذي سيحترم الفنان بدوره، وهو أمر نفتقده راهناً».

وتعتبر ريم أن مسرح الأستاذ الكبير صبحي كان الوحيد تقريباً بين المسارح الذي يمنع دخول المأكولات والمشروبات إلى الصالة، مع إتاحة ذلك في وقت الاستراحة، لأن احترام المسرح والممثل يمنع أن تأكل وهو يمثِّل، وكان صبحي يبادل الجمهور الاحترام من خلال تقديم عمل يناسب عقله ووجدانه ويكون هادفاً ومليئاً بالكوميديا.

أهمية الأخلاقيات

وتضيف ريم أنها كواحدة من تلامذة صبحي، تستطيع أن تقول بملء فمها إنها تعلمت منه كل ما يتعلّق بالتمثيل، وهو عرفها إلى معنى المسرح والتمثيل، ورغم احترامه الموهبة والموهوبين، فإنه يهتمّ بالأخلاقيات أكثر، فإن كان الممثل صاحب أخلاق عالية ولكن موهبته متوسطة فإن الفنان المصري يفضله على الشخص الموهوب الذي يفتقد إلى الأخلاق.

كذلك تؤكد أن الأكاديمية الجديدة بعد الشراكة ستكون صرحاً تعليمياً، من يدخله سيتعلم الكثير من صبحي. وريم رغم السنوات الطويلة التي عملت فيها معه، فإنها حضرت معه أخيراً آخر ورشة من «أستوديو الممثل» وكانت تعلم الرقص للطلاب، ما يؤكد أنها ما زالت تستفيد منه، وأن معلوماته وتعليماته لم تنفد، وهي تتجدّد يومياً.

وتشير الفنانة إلى أن صبحي يستطيع أن يعلِّم جيلاً من الموهوبين الذين يتمتعون بأخلاقيات المهنة، ويحترمون الفن والمهنة، مؤكدة أنها تنتظر المسرحية التي يستعد لها، وأنها ستتعاون معه فيها.

رأي النقد

يقول الناقد السينمائي محمود قاسم إن محمد صبحي صديقه ويحبه على المستوى الشخصي، لكنه شخص عليه جدل أيضاً. ويتساءل: «هل يحتاج صبحي إلى إنشاء أكاديمية لتعليم المواهب، أم أن المطلوب منه تقديم مسرحيات؟ شخصياً، أريده أن يستكمل مشروعه من خلال عروض مسرحية يجد لها إنتاجاً من دون النظر إلى فكرة الأكاديميات التي تحتوي على شكل تنظيمي».

ويضيف: «لن نحكم على التجربة في بدايتها، ولكن بعد سنوات سيتبين لنا إن استطاع صبحي أن يخرج جيلاً جديداً وينتج له فعلاً أعمالاً مميزة، أو أن الأكاديمية ستكون كمثيلاتها ولن تجدي نفعاً. في النهاية، المطلوب من محمد صبحي أولاً وأخيراً أن يقدم العروض لإنعاش المسرح المصري، لأن التقارير كافة حول أكاديميات عدة تقول إن الأخيرة ليست سوى وسيلة للتربّح».