يدعو ترامب الكونغرس لإصلاح الصفقة النووية مع إيران، علماً أن هذه استراتيجية خطيرة وبالغة الصعوبة، ويوضح وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أن هذه المناورة التشريعية تفوّض إلى الكونغرس مسؤولية معالجة الثغرات المزعومة في الصفقة النووية، وإذا لم يتوافق الكونغرس ويعمل وفق مطالب ترامب هذه، ينال الرئيس الأميركي عندئذٍ ما أراده دوماً: عذراً للانسحاب من الصفقة بالكامل وتوجيه اللوم إلى آخرين.

يدرك الديمقراطيون أنهم يُرغمون على مواجهة مأزق حرج، فإذا رفضوا الاقتراح، فقد يُنعتون بالضعف في المسألة الإيرانية، وإذا انسحب الرئيس من الصفقة بسبب عدم اتخاذ الكونغرس الخطوات الضرورية، فقد يتعرضون للوم في هذه المسألة أيضاً، رغم ذلك تُظهر الإشارات الأولى أنهم لن يجاروا ترامب في اقتراحه هذا.

Ad

يقول أحد المساعدين الديمقراطيين البارزين في مجلس الشيوخ: "من الخطر جداً أن يفكروا أنهم يستطيعون استمالة ثمانية منا في هذه المسألة. لا يريد الديمقراطيون التورط في وضعنا على مسار يقودنا إلى انتهاك الصفقة".

يحتاج مجلس الشيوخ إلى 60 صوتاً ليمرر تشريعاً جديداً يهدف إلى تعديل قانون مراجعة الاتفاق النووي الإيراني، أو كحل بديل، يستطيع الكونغرس استخدام التدابير المعجّلة في قانون مراجعة الاتفاق النووي الإيراني لإعادة فرض عقوبات نووية الآن، ولا يحتاج في خطوة مماثلة إلا إلى 50 صوتاً. أو بإمكان الكونغرس بكل بساطة عدم اتخاذ أي خطوة.

يعبّر بعض أعضاء الكونغرس الجمهوريين عن استيائهم لأن ترامب يوكل إليهم كل العمل الصعب، معرضاً إياهم في الوقت عينه للوم في حال أخفقت محاولتهم، ويشيرون إلى أن ترامب يتمتع بكل الصلاحيات التي يحتاج إليها لإطلاق العمليات، أو إعادة فرض العقوبات، أو اتخاذ أي خطوة أخرى يطلب من الكونغرس اتخاذها.

يشير مساعد جمهوري بارز في الكونغرس: "إذا أراد الرئيس التعامل بحزم مع إيران، يستطيع ذلك متى يحلو له، فلا يرغب أعضاء الكونغرس في تحمّل المسؤولية".

سألتُ تيلرسون عن الأسباب التي تدفع الإدارة إلى إلقاء العبء على الكونغرس بدل أن تتخذ هي بنفسها الخطوات ذاتها من دون إثارة كل هذه الضجة ومواجهة خطر الإخفاق، فأجاب أنه يريد من الكونغرس أن يمنحه الدعم الذي يحتاج إليه ليقنع سائر العالم بإصلاح الصفقة.

أعلن تيلرسون أن أمام الكونغرس 90 يوماً للعمل قبل حلول موعد "التصديق على الصفقة" التالي، أما السيناتور ليندسي غراهام، فذكر أن المهلة تنتهي بعد 60 يوماً. في كلتا الحالتين، لا يملك الكونغرس متسعاً من الوقت.

يسأل المسؤول السابق في البيت الأبيض ووزارة الخارجية دينس روس: "هل نمارس الضغط على الإيرانيين أم على أنفسنا؟ يبدو هذا أشبه بخط أحمر".

في البيئة الطبيعية، يُعتبر الطلب من الكونغرس خوض المناقشات وتمرير تشريع معقّد قد يؤدي إلى تداعيات دولية خلال مهلة ضيقة جداً خطوة سيئة، لكننا لا نشهد بيئة طبيعية. خاض ترامب في الشهر الحالي مواجهات حادة مع كلا المسؤولَين اللذين يتوليان القيادة في هذه المسألة، تيلرسون وكوركر، وسبق أن حذّر الأوروبيون والإيرانيون من أنهم لا يرغبون في مجاراة إدارة يعتبرونها معطلة ولا تحترم وجهات نظرهم.

يذكر تيلرسون: "لا نريد أن نوحي أن هذا إنجاز سهل في الكونغرس. ندرك جيدا أنه ليس كذلك".

* جوش روجين

*«واشنطن بوست»