استيقظوا! نسير ونحن نيام نحو صراع مسلّح. تحوّلت اليوم فضيحة حرب العراق المخبأة (التلاعب بالمعلومات الاستخباراتية بغية دعم نتيجة محددة مسبقاً) إلى استراتيجية سياسية صريحة تهدف إلى تقويض اتفاق منع انتشار الأسلحة النووية المتعدد الأطراف، ففي مرحلة كان منع اندفاع إيران نحو العتبة النووية بالقوة أو الإقناع بالغ الصعوبة، حيث توصلت الولايات المتحدة إلى اتفاق مع عدد من الحلفاء والأعداء على حد سواء ساهم في تفادي الحل الذي خشيه الجميع: الحل الحركي.

يسعى اليوم مَن راحوا ينادون قبل الصفقة باقتراب خطر قيام دولة إيرانية نووية إلى القضاء على هذه الصفقة، وإعادة العالم إلى شفير هاوية الحرب، وفتح جبهة نووية ثانية.

Ad

بحلول الخامس عشر من أكتوبر، على ترامب أن يقرر ما إذا كان سيؤكّد للكونغرس أم لا أن إيران تلتزم بخطة العمل الشاملة المشتركة، ولنعدد الأسباب التي يُفترض أن تدفع الولايات المتحدة إلى البقاء جزءاً من هذا الاتفاق النووي:

تشير كل التقارير إلى أن إيران تلتزم بخطة العمل الشاملة المشتركة، وانسجاماً مع شروط هذا الاتفاق صبت إيران الإسمنت في مفاعلها للبلوتونيوم، وقللت عدد أجهزة الطرد المركزي من 19 ألفاً إلى 6104، وقلّصت مخزونها من اليورانيوم المخصّب إلى ما لا يزيد على 300 كيلوغرام لا تتخطى نسبة تخصيبها 3.67%، وخضعت لعمليات المراقبة والتفتيش المتواصلة في منشآتها النووية الرئيسة. بالإضافة إلى ذلك نشرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تسعة تقارير مراقبة وتحقق تذكر أن إيران لم تنتهك هذا الاتفاق، كذلك أكّد الرئيس للكونغرس ست مرات أن إيران ملتزمة.

علاوة على ذلك سيلحق الانسحاب من هذه الصفقة الأذى بمصداقية الولايات المتحدة في نظر حلفائنا وخصومنا ويضعف مقدرتنا على التفاوض بشأن اتفاقات منع انتشار الأسلحة النووية في المستقبل سواء مع إيران أو دول أخرى. كذلك يصرّ قادة كل أطراف هذا الاتفاق، باستثناء الولايات المتحدة، على أن إيران ملتزمة، وفضلاً عن ذلك لم تقدّم إدارة ترامب أي دليل على الانتهاكات الإيرانية.

تفترض إدارة ترامب أنها تستطيع التفاوض للتوصل إلى "صفقة أفضل"، لكن الوقائع تُظهر أن اجتماع مجموعة 5+1 مع إيران والتفاوض بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة تطلبا عقوبات عالمية متشددة وجهوداً دبلوماسية جبارة، لذلك يأبى حلفاؤنا جميعاً العودة إلى خانة البداية، ولا شك أن علينا العمل باستمرار لتحسين هذه الصفقة وتعزيز القيود المفروضة على برنامج إيران النووي، ولكن يجب ألا نقوم بذلك بطريقة أحادية تكون على حساب الاتفاق الأشمل.

يدّعي منتقدو خطة العمل المشتركة الشاملة أنها لا تشكّل اتفاقاً يغطي كل المسائل، وأنها لم تعالج الأوجه الأخرى من سلوك إيران السيئ. أُقرّ بأن برنامج إيران للصواريخ البالستية، ودعمها الإرهاب، وسلوكها الذي يزعزع المنطقة، وانتهاكها حقوق الإنسان تشكّل كلها نشاطات مريعة من الضروري التصدي لها، ولهذا السبب سننا أخيراً قانون "التصدي لخصوم الولايات المتحدة من خلال العقوبات"، الذي يُعتبر أكثر أنظمة العقوبات التي مررها الكونغرس تشدداً، وإذا كان ترامب يشاركني في خوفي من أوجه سلوك إيران المقلقة الأخرى، فعليه في هذه الحال أن يستخدم الصلاحيات الموكلة إليه بموجب القانون والتي أخفقت الإدارة في تطبيقها.

لم تُقدَّم للكونغرس أي أدلة عن عدم الالتزام الإيراني، رغم أن ترامب اتخذ، حسبما تشير بعض التقرير، قراره بشأن عملية التأكيد، وإذا أبى أن يؤكد التزام إيران فستخسر الولايات المتحدة مصداقيتها بالكامل في مجال منع انتشار الأسلحة النووية، وكل شركائها في التفاوض للتوصل إلى صفقة أفضل أكثر شمولية، وجميع خياراتها الدبلوماسية في سعيها لتفادي دولة إيرانية مسلحة نووياً.

* غيري كونولي

* «ذا هيل»