كنت في زيارة قبل أسابيع قليلة لموقع مدينة صباح السالم الجامعية في منطقة الشدادية، وهو المشروع الأضخم من نوعه في تاريخ الكويت، بمساحة إجمالية تعادل مساحة مدينة الكويت، بدءا من الأبراج وانتهاء بدوار الشيراتون، مدينة تعليمية متكاملة تضم مختلف كليات جامعة الكويت الحالية، يشرف على تنفيذها البرنامج الإنشائي بجامعة الكويت بكوادر كويتية رائعة تشرفت بلقاء مجموعة منهم في تلك الزيارة.

لن أتطرق في هذا المقال لروعة ما رأيت من منشآت وتصاميم وحرفية عمل وتفكير إبداعي للوصول لأفضل النتائج رغم وجود أخطاء يقر بها القائمون على المشروع، ويسعون إلى تجاوزها، فكل هذه التفاصيل ستكون واضحة للعيان قريبا جدا وسينال القائمون على هذا الصرح نصيبهم المستحق من التقدير والعرفان.

Ad

ما استوقفني فعلا في ذلك المشروع هو الفصل القسري للمباني الجامعية ما بين مبان مخصصة للطلبة وأخرى للطالبات بناء على قانون إنشاء مدينة صباح السالم الجامعية الذي يلزم الحكومة بفصل الطلبة عن الطالبات في الجامعة، هذه الأسطوانة المشروخة التعيسة البالية ذات الأهداف السياسية البحتة، والتي لا علاقة لها بدين أو عادات لا من قريب ولا من بعيد، أصبحت واقعا مفروضا علينا يعكّر جمال المدينة الجامعية، ويسيء إلى الكويت وأهلها وأبنائها ممن لا يستطيعون أن ينالوا تحصيلهم الأكاديمي سوياً، لأن هناك مجموعة من السياسيين يعتبرون فصل التعليم انتصارا سياسيا يجب عدم التنازل عنه رغم ضحالة مبرراتهم.

فلا الدستور يمنع التعليم المشترك ولا الدين، وأنا أتحدى أي شخصية دينية أن تثبت أن التعليم المشترك حرام شرعا ولا العادات والتقاليد الراسخة أو الزائلة حتى تمنع ذلك، كل ما في الأمر هو نصر سياسي تحقق في الماضي لا يريدون التنازل عنه رغم عدم جدواه وأضراره المادية والاجتماعية أيضا على الكويت وأهلها.

فأي تخلف هذا الذي يلزم الطالبة والطالب بنظام تعليمي لا طائل أكاديميا منه، بل قد ينعكس سلبا عليهما في سوق العمل، والمصيبة أنه سيطبق أيضا في كليات لا يمكن أبدا فصلها عمليا، وأعني هنا الكليات الطبية المختلفة؟ وكيف لمجتمع غالبيته من المتعلمين أن يقبل بقانون كهذا لا أساس له ولا قاعدة من أي اتجاه أو منطلق؟

أعتقد بل أؤمن أن على الساسة اليوم في الحكومة والمجلس أن يقوموا فورا بإلغاء هذا القانون الرجعي المتخلف، فهو لن يحقق شيئاً أبدا ولا يصح أن يكون لدينا قانون كهذا في بلد يفترض أنه يصبو للتقدم والرقي.

إن تغيير هذا القانون وما يشابهه من قوانين المكاسب السياسية هو ضرورة، بل أولوية تحدد إطارا وأسلوبا ونمطا للدولة، فالمسألة ليست فقط إسقاط قانون، بل هي أيضا إسقاط عقليات قادتنا للتراجع والتخلف دون أي سند طوال السنين الماضية.