غنى حمود الخضر، المطرب الصاعد إلى قمة الغناء بسرعة الضوء، للقيم والأخلاق والجمال والصبر والعشق وللكويت والخليج والأم والأب والأمل وللعين والإرادة وللعزوبية، في ليلة كان هو بدرها ولحنها وغنوتها على المسرح الوطني بمركز جابر الأحمد الثقافي ضمن فاعليات موسمه الأول العامر بكل ما هو جميل وباهر من موسيقى وغناء وعراقة وحداثة لكبار النجوم؛ سواء من المحليين أو الخليجيين أو بشكل عام باتساع الوطن العربي.

وأبرزت المساحات الصوتية والنغمية التي تجول فيها هذا المغني الرائع، الذي تجاوز عدد مستمعي أغانيه عبر المواقع الإلكترونية على الشبكة العنقودية الملايين، جمال معدن صوته الذي تميز مع كل أغنية من الأغاني التي قدمها في هذا الحفل الذي امتد إلى أكثر من 110 دقائق، كل الدرجات من حيث الرقة (الجواب) والفخامة (القرار)، متنقلا بينهما على طبقات السلم الموسيقي المختلفة برشاقة الفارس واقتدار المتمكن، مظهرا إلماما استثنائيا بما يطلبه المتلقي وما يريده المكان.

Ad

واكتملت في حفل حمود الخضر الثلاثية التي وراء أي نجاح لمثل هذه المناسبات الكبرى التي تليق بأماكن كبرى مثل الصرح العظيم مركز جابر الأحمد الثقافي، وهي الطبقة الصوتية للمغني بكل شجنها وشجونها، والكلمة بكل قيمها ونبل مقصدها، واللحن بكل ما فيه من إبداع يمس الروح ويهز الوجدان، علاوة على ما يحفل به المركز من المؤثرات الضوئية والإمكانات الحديثة للأجهزة الصوتية والخلفيات الإلكترونية.

19 أغنية

قدم الخضر 19 أغنية لجمهور ليلته التي حضرتها كل الأجيال من الطفولة وحتى الكهولة، الكل تجاوب معه وشاركه الغناء في بعض المقاطع، ورد مداعباته بالهتاف له تقديرا أو بالتصفيق لقدرته تحية، مما أسعد روحه وأثلج صدره، وساعده في التخلص من توتر البداية الذي لازمه لبعد الفترات، لكونه يغني لأول مرة في الكويت أمام حشد جماهيري غير مسبوق في مسرح بروعة ليس له مثيل.

بدأ الحفل بتمهيد موسيقي لتجهيز حواس المتلقين على استقبال ما هو قادم من غناء، قدم خلاله كل من عازفي آلتي الغيتار، البحريني محمد الجباري، و"الكلارينيت" الكويتي عبداللطيف غازي مقطوعتين موسيقيتين تمازج فيهما الوتر مع النفخ في منتجين إبداعيا أسعدا الجمهور.

وعلى إيقاعات الفرقة الموسيقية وأنغامها وتصفيق الجهور دخل حمود الخضر الى المسرح بكل حيوية الشباب، وتمكن الواثق من حضوره، حيث قال إن سعادته لا توصف الليلة لأكثر من سبب، أولها أنه بين هذا الحشد الكبير من الجماهير الكويتية للمرة الأولى، وثانيها أنه يغني على هذا المسرح في هذا الصرح المفخرة لكل كويتي بل ولكل عربي، ثم طلب من المتلقين مشاركته الغناء، من خلال ترديد بعض النغمات الصوتية التي كان التجاوب فيها من الصالة مدهشا ورائعا.

أغنية العين

وكانت البداية أغنية العين، وكأنه أراد بها أن يرقى المكان الذي بات عنوان الجمال، حيث شدا: "عين ما صلت على النبي/ طماعة تبي وتبي/ ما تحمد الله وتشكره/ تسأل عن حظها وين".

وانتقل الخضر من عملية "رقي" مركز جابر من العيون إلى محاولة تحرير النفوس من قيود الضغوط، فغنى لهم أغنية اضحك: "اضحك خلي البسمة تنور قلبك/ خلي الفرحة تضوي دربك".

وأسعد حمود قلب والده الذي حضر الحفل، وغنى له مقطعا على البيانو، بعدما عاتبه بأنه غنى للأم فقط، ولم يكتف بذلك، وإنما أعلن "هأنذا"، فقال: "كلمة شكر يا بوي ما توفي الشعور"، ليعود مجددا للغناء للأم بأغنية "بكل لغات العالم".

وبلغ التجاوب مداه بين المسرح والصالة عندما غنى الخضر أغنية "لا لا لا"، حيث ردد معه الجمهور كل كلماتها في هرموني هز المسرح.

وغنى الخضر كل ما طلبه جمهوره، لكنه حرض على أن يقدم ما يعتبره رسالته في الغناء الكلمة التي ترسم هدفا وتنور طريقا وتشحن سواعد، ومنها أغنية "لآخر لحظة"، كما غنى للصبر والعزيمة، وامتدح دور سمو أمير البلاد في الأحداث الجارية بمنطقة الخليج، مشددا عبر حنجرته الذهبية "خليجنا واحد"، وأشاد بدور المتطوعين في الأعمال الإنسانية، وأوصى أقرانه "اصبر أحسن".

وألقى كلمته بعيدا عن الموعظة ودور الأستاذ أو الملقن، عندما غنى أغنية "قيم":

من آدم جئنا ومن حوّى... الرحمة أجمل ما فينا/ نعطف ونحب ونشتاق... تتشابه جُل أمانينا/ للخير نميل بفطرتنا... للقيم برانا بارينا".