الضريبة هي الضريبة سواء كانت مؤقتة أو دائمة، وقد فتحت اللجنة الأوروبية بصورة مؤقتة في الأسبوع الماضي الباب أمام خطة طرحتها 10 دول أعضاء بما فيها ألمانيا وفرنسا وايطاليا واسبانيا تهدف الى فرض ضرائب على الدخل على شركات التقنية المتعددة الجنسية وذلك بغية التعويض عن خطط تلك الشركات الهادفة الى تجنب الضريبة. ويسمح اقتراح جديد قدمه نائب رئيس اللجنة الأوروبية فالديس دومبروفسكيس بتفادي تلك الاجراءات في وقت تعمل بصورة ناجحة مع دول أعضاء بالنسبة الى حلول أفضل وأكثر استدامة، وهذا خطأ: لأن الضريبة تعتبر ضريبة دائما في أي حال من الأحوال.

وبحسب هذه اللجنة فإن "نماذج العمل الرقمية المحلية تخضع الى معدلات ضريبة فعلية تصل الى 9 في المئة فقط، وهي أقل من النصف مقارنة مع نماذج العمل التقليدية"، ويعتبر فرض ضريبة على شركة ذات أصول ملموسة أقل الأمور الصعبة، كما أن تلك الصعوبة تزداد مع نماذج العمل العابرة للحدود التي تسمح للشركات بنقل أصول غير ملموسة مثل الملكية الفكرية الى أماكن تقل فيها – أو تنعدم – معدلات الضريبة، وقد دفع وول – مارت ما يعادل 46 مرة الى حكومات مقارنة بما دفعته شركة أمازون منذ سنة 2008 كما أن شركات تقنية أميركية مثل غوغل وأمازون وأبل تدفع معدلات ضريبة قليلة جداً في الاتحاد الأوروبي.

Ad

الأسلوب المفضل

وينطوي الأسلوب المفضل من جانب الاتحاد الأوروبي على شقين: الأول هو أنه يريد تغيير قوانين تسعير التحويل وتستطيع شركة ما في الوقت الراهن دفع أرباحها كلها الى شركة في الكاريبي تحمل حقوق ملكيتها الفكرية، والسؤال هنا هو لماذا؟ والجواب لأن القوانين الحالية تطالب بمقارنة هذه الاتفاقات بعمليات سوق مساوية، ومقارنة التفاح بتفاح تنطوي على صعوبة بالغة في عالم الملكية الفكرية، ويمكن اصلاح ذلك عبر تقديم قوانين ضد ذلك النوع المحدد من سوء تسعير التحويل.

ويتمثل الشق الثاني في أن اللجنة تريد اعادة تصميم قوانين "مؤسسة دائمة" تسمح للشركات بأن تختار المكان الذي تريد دفع ضرائبها فيه. وقد اقترحت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عدة أساليب محتملة من أجل تحديد كيفية وضع وحضور المنصات الرقمية في دولة معينة على سبيل المثال، وتعيين أرباح لأسواق مختلفة بحسب العوائد المحققة فيها، وعدد مستخدمي تلك المنصات، وحتى حجم المعلومات الناجمة عن اولئك المستخدمين. ويقضي أسلوب الاتحاد الأوروبي بتخصيص أرباح الى دولة ما وفقاً لعدد موظفي الشركة وحجم أصولها ومبيعاتها أيضاً.

تبدو هذه الطريقة غير معقدة بشكل نسبي، ولكن المشكلة تكمن في أن مثل تلك القوانين سوف تنجح فقط في حال تبني كل دولة في العالم لتلك القوانين، والا فإن شركات التقنية سوف تختار عدم التقيد بها، وهذا على وجه التحديد ما تدفع اليه مجموعة العشرين التي تضم أكبر اقتصادات العالم، ولكنها على الرغم من ذلك تواجه مقاومة قوية من جانب دول أصغر حجماً تحاول الدفاع عن حقها في تنافسية الضرائب. وحتى في داخل الاتحاد الأوروبي فإن تبني قوانين متساوقة ليس عملية سهلة، وتشكل الضريبة واحدة من المناطق التي تسعى فيها دول أوروبا الى حماية سيادتها، وتعتمد دول مثل ايرلندا ولوكسمبورغ على ابقاء أنظمتها الضريبية سلسة وميسرة بحيث تخدم أغراضها الاقتصادية.

اقتراح الضريبة المباشرة

وكان ذلك هو السبب الذي دفع الدول العشر الى اقتراح فرض ضرائب على شركات التقنية بصورة مباشرة بحسب ما تحققه من عوائد بدلاً من معدلات أرباحها، وكان ذلك هو الأسلوب الذي اتبعته الهند منذ السنة الماضية، وربما كانت تلك فكرة سيئة تماماً حيث من السهل تحصيل ضريبة الدخل من العملاء كما أن منصات التقنية المهيمنة، مثل غوغل وفيسبوك في الاعلانات على سبيل المثال سوف تقوم بهذه الخطوة على وجه التحديد، والمعلن لن يتخلى عنها لمجرد أنها رفعت أسعارها بنسبة 6 في المئة مثلاً، وهي الضريبة التي تدفع لقاء الدخل في الهند.

ضريبة المعادلة

ومن المحتمل الى حد كبير أن يفهم وزراء مالية أكبر الدول الأوروبية الذين وقعوا هذا الاقتراح هذا الجانب، كما أن اللجنة الأوروبية أيضاً تدرك المشاكل المتعلقة بالضريبة على الدخل، اضافة الى أن "ضريبة المعادلة" التي اقترحتها الدول العشر بالنسبة الى فرض ضريبة على المعاملات الرقمية التي حاولت بيونس ايرس تطبيقها في سنة 2014 ثم قررت تعليقها لأن معالجات الدفع لم تكن مجهزة لهذا الغرض هي الطريقة التي سوف تحاول كولومبيا تطبيقها اعتباراً من العام المقبل، كما أن الرسوم المحددة على الاعلانات الرقمية هي على أساس العوائد أيضاً.

الإيجابيات والسلبيات

المعروف أن لكل الخيارات القصيرة الأجل جوانبها الايجابية والسلبية ولكن على الرغم من ذلك يتعين القيام بعمل من نوع ما في هذا الصدد، وقد أشار دومبروفسكيس الى أن شركات التقنية تستمر في النمو بسرعة أكبر من بقية القطاعات الاخرى في الاقتصاد، وذلك يعني أن خططها المتعلقة بالضريبة تغطي حصة متزايدة من أرباح الشركات تماماً، كما أن هذه الشركات تشكل حصة أكبر من رسملة الأسواق.

من جهة اخرى، تشدد اللجنة على أن أي حل ولو مؤقتا يجب أن يتم تبنيه على المستوى السائد في الاتحاد الأوروبي على الأقل الى أن تقوم مجموعة العشرين بنشره على نطاق أوسع. وبشكل أساسي فإنها تصادق على اقتراح الدول العشر باعتباره الاقتراح الوحيد الذي يحظى بدعم جدي في الوقت الراهن. ولكن المصادقة لا تجعل الاقتراح معقولاً بقدر أكبر. ثم إن ضريبة الدخل لا تتطلب اجماعاً شاملاً والدول العشر – بما فيها الأسواق الرقمية في أوروبا – تستطيع تقديم مقترحاتها الخاصة في هذا الشأن، وهذه هي الاجراءات الأكثر تعقيداً وفعالية وعدلاً التي تدعو كل جهة الى الانضمام اليها.

جانب الالحاح لدى جهات التنظيم مسألة مفهومة تماماً، ولكن غابت عن الاتحاد الأوروبي فرصة ابلاغ الدول الأعضاء أن الجانب الأكثر أهمية يتمثل في معالجة مشكلة ضريبة شركات التقنية بصورة صحيحة وليس بسرعة كبيرة فقط ، كما أن الحلول المؤقتة السيئة تستمر وتقف في طريق الحلول الأفضل.