المجتمع الآمن يتميز بالقدرة على احتواء الأزمات والتحرك الاستباقي المتزن ضد الأخطار المحتملة والمتمثلة في الغزو الفكري الثقافي الناتج عن ثورة الاتصال المنتشرة انتشار النار بالهشيم في أرجاء المعمورة، وغير خفي على أحد أن هذه الحالة أحدثت أثراً سلبياً على منظومة القيم الفردية والمجتمعية في آن واحد.

فالمؤسسات الإعلامية، سواء كانت رسمية أو غير رسمية، أو إعلاماً بديلاً "سوشيال ميديا"، لها دور فعال في إبراز القضايا الوطنية ولاسيما التي تمس الأمن الوطني، وذلك من خلال توضيح أهمية التماسك الاجتماعي بين فئات الشعب الكويتي؛ لأن قوة مجتمعنا تتمثل في مدى قوة اللحمة الوطنية التي تعبر بالضرورة عن انتماء وولاء للكويت منقطع النظير، بشرط أن يتم التعاطي مع القضايا الوطنية بكل مهنية ومصداقية وأمانة وموضوعية وتجرد، والحرص على تحري الحقيقة في الخبر، والبعد عن التهويل والإثارة وتزييف الحقائق، فالاحترافية في التعاطي مع الخبر لا بد أن تنطلق من خلال حماية حقوق الإنسان بغض النظر عن جنسه أو عرقه أو مذهبه؛ فوسائل الإعلام الهادفة تساهم بشكل كبير في استتباب الأمن الوطني، الذي يؤدي الى الانصهار الاجتماعي بين فئات الشعب، لتختفي كل أشكال التقسيمات الإثنية البغيضة، وتسود مكانها مبادئ المساواة في الحقوق والواجبات مع الإبقاء على الخصوصية الثقافية التي تجسد مبدأ التنوع في إطار الوحدة الوطنية، وفي ذلك صون للحرية واحترام حق الإنسان الكويتي فيما يعتقد.

Ad

وهذا يتطلب اختيار كوادر صحافية قادرة على تقديم الحقائق بالأدلة والبراهين مدعومة بالتحليل لتصل المعلومة الى الجمهور بكل سهولة ويسر لإحداث قناعات تؤدي في النهاية الى تشكيل رأي عام حول القضايا الوطنية.

ويمكن الارتقاء بالأمن الوطني الكويتي عبر أبعاد أساسية والتي لابد أن يركز عليها الإعلام، وهي علي النحو التالي:

- البعد الاجتماعي؛ من خلال توفير الأمن للمواطنين والمقيمين، بالقدر الذي يزيد من تنمية الشعور بالانتماء والولاء للكويت، والعمل على زيادة قدرة مؤسسات المجتمع المدني لبث روح المواطنة واحترام التراث الوطني الذي يمثل الهوية والانتماء الحضاري، وتوجيه الطاقات في اتجاه تعزيز فكرة العمل الجماعي، وهذا يعد رديفاً داعماً لجهد الدولة الرسمي في شتي المجالات.

- البعد المعنوي؛ من خلال احترام الفكر الإبداعي وتمكين اصحابه وعدم تهميشهم، والحفاظ على التراث الكويتي بما يشمل من عادات وتقاليد وأعراف وقيم استقرت في ضمير الإنسان الكويتي كابراً عن كابر؛ ما من شأنه تكوين سياج يحمي المجتمع من الغزو الثقافي الغربي.

- البعد البيئي: وهو أهم أبعاد المواطنة على الإطلاق، لأن تدمير البيئة هو تدمير لحياة الإنسان، لذلك تقتضي الضرورة إرساء وتعزيز ثقافة المحافظة على البيئة في نفوس المواطنين، والتي تتعرض للأسف الشديد لتدمير براً وبحراً وجواً من غازات ملوثة وتلوث بحري من بقع زيت ومياه صرف صحي، والضغط في اتجاه إنشاء مصانع تدوير المخلفات بطرق حديثة تحمي البيئة البرية التي تدفن بها هذه المخلفات.

ختاماً:

نستطيع تحقيق الأمن الوطني، من خلال إعلام حر دون قيود، ووفاء الدولة بمسؤولياتها، ليتحقق مجتمع يأخذ بيد الفئات الأقل حظاً لتنال نصيبها من الرعاية الكاملة لتتحقق العدالة الاجتماعية القائمة على تكافؤ الفرص بين الجميع دون تفرقة أو تمييز، مجتمع قادر على معالجة الاختلالات الناشئة عن الظواهر السلبية والنفاذ الى أسبابها، وبالتالي وضع الحلول المناسبة لها، ليتم رسم صورة مثالية لمجتمع كويتي آمن... ودمتم بخير.