اجتمع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في 12 سبتمبر بالأسد في دمشق وناقشا التعاون المشترك لمواجهة "داعش"،

وبعد أيام من كسر الجيش السوري الحصار على دير الزور، شنت قوات سورية الديمقراطية، التي تدعمها الولايات المتحدة، هجوماً لبلوغ المدينة من الجانب الآخر من نهر الفرات. يذكر جوناثان سبيير، مدير مركز روبن للأبحاث في الشؤون الدولية في مركز هرتزيليا المتعدد التخصصات أن الوضع الراهن يثير أسئلة مهمة، وخصوصاً بشأن دعم إيران النظام السوري، إذ يساعد التحكّم في المعبر والطريق إيران في تحقيق هدفها بربط الميليشيات الشيعية التي تدعمها في العراق بحزب الله في لبنان عبر حليفها في دمشق.

Ad

يشير فلاديمير فان فيلغنبيرغ، محلل للشؤون الكردية في سورية، إلى أن الروس والأميركيين سعوا إلى "تفادي التصادم" مع تقلّص المسافة بين قواتهما، ويضيف: "لا أعتقد أن سياسات قوات سورية الديمقراطية تقضي بالمرور في مدينة دير الزور. قد تحتل بعض الأحياء، إلا أن المدينة للنظام"، وتسعى هذه القوات إلى السيطرة على الأرياف، ويبدو أن الأميركيين يريدون منها أن تتوجه نحو الحدود العراقية، وفق فيلغنبيرغ.

تمرّ العلاقات الأميركية-الروسية في سورية راهناً عبر آلية "حد من التصادم" بغية تفادي الاحتكاك بين القوات الجوية،

فتشدد روسيا على ما يبدو موقفها من دور الولايات المتحدة في سورية، فقد أشارت تقارير عدة إلى قول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن "كل مَن يقفون على أراض سورية أو يعبرون مجالها الجوي من دون موافقة دمشق، بما فيهم الولايات المتحدة، ينتهكون القانون الدولي"، ولكن رغم كثرة الشائعات وكلمات الحرب الهادئة، ثمة إشارات أيضاً إلى أن موسكو تنظر إلى دور قوات سورية الديمقراطية نظرة ودية. فقد أدى المراقبون العسكريون الروس دوراً في أماكن خاضعة لسيطرة هذه القوات إنما لا وجود أميركيا فيها، مثل عفرين.

هنا ينشأ سؤال مهم: ما سياسة الولايات المتحدة التي ستتبعها مع سعي خلفائها إلى تحرير مناطق أكبر على طول وادي نهر الفرات باتجاه الحدود العراقية؟ في الوقت الراهن تخضع الجهة المقابلة من الحدود العراقية عموماً لسيطرة ميليشيات شيعية مدعومة من إيران تُدعى الحشد الشعبي، وتشكّل جزءاً رسمياً من قوى الأمن العراقية. تريد هذه القوات التقدّم والسيطرة على القائم في الجهة المقابلة للبوكمال، ولا شك أنها سترغب بعد ذلك في تأمين رابط مع قوات النظام السوري وميليشياته الخاصة المدعومة من إيران. في المقابل لا تزال الولايات المتحدة ملتزمة بإنزال الهزيمة بداعش فحسب، في العراق عملت القوات الأميركية، التي تساعد العراقيين، إلى جانب ميليشيات شيعية في الحملات الأخيرة، مثل تلعفر، ولكن لا تشمل سياسة الائتلاف الرسمية في العراق التعاون مع الميليشيات بل مع الجيش العراقي، والشرطة الفدرالية، والوحدات الأخرى فقط، وما هذا إلا تبدّل يخدم مصالحها لا تأثير له على الأرض، بما أن كل هذه القوات تتداخل في الحرب ضد "داعش".

سيبدأ ما ستقرر الولايات المتحدة وقوات سورية الديمقراطية الموالية لها فعله خلال الأشهر المقبلة في سورية بتحديد المرحلة التالية على الأرجح من مستقبل الشرق الأوسط: إذا انطلقت الولايات المتحدة برسم سياسة تهدف إلى احتواء النفوذ الإيراني، فستقوم بذلك بالتعاون مع شركائها، أما إذا كان هدفها إنزال الهزيمة بـ"داعش" فحسب فستضع استراتيجيتُها ما بعد "داعش" في العراق وسورية شركاءها غير المتعاونين مع إيران أمام مستقبل غامض، ولا شك أن تداعيات ذلك ستمتد إلى ما وراء وادي نهر الفرات، وستنعكس بالتأكيد على نظرة المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وإسرائيل، والأكراد، وتركيا إلى التزامات الولايات المتحدة وسياستها.

* سيث فرانتزمان

*«ناشيونال إنترست»