لا يُشرِّف الأكراد، بل يعيبهم، أن يكون بنيامين نتنياهو هو الوحيد الذي يقف معهم من قادة العالم كلهم، بالنسبة إلى مسألة "الاستفتاء" الذي من المفترض أن يجرى اليوم في كردستان العراق، ومن ضمنه ما يسمى المناطق المتنازع عليها، ومن بينها منطقة كركوك النفطية التي لا يمكن أن يفرط بها العراقيون بسهولة. لكن أغلب الظن أن يكون لديهم الاستعداد للتفاوض بالنسبة إلى ما يكون مرضياً للجميع، وإنْ في الحدود الدنيا، هذا إن لم يذهب الرئيس مسعود البارزاني بعيداً في هذه المواجهة التي ستكون مكلفة، ولكل الأطراف!

والمفترض أن وطنية الأكراد، الذين ما زالوا يعانون مما ترتب على علاقة عابرة سابقة بإسرائيل، وفي ظروف صعبة كانت تشكل بالنسبة إليهم مسألة حياة أو موت، يرفضون أن يكون هذا القاتل والمجرم بنيامين نتنياهو هو الداعم الوحيد لهم من بين رؤساء وقادة العالم كله. وحقيقة أنه من الأفضل لهم أن يخسروا هذه الجولة، التي سيخسرونها بالتأكيد، وعلى أي حال، من أن يكون حليفهم هذا الملطخة يداه بدماء أصدقائهم ومسانديهم الفلسطينيين، وعلى رأسهم الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، وقبله الزعيم الراحل ياسر عرفات (أبو عمار)، رحمه الله.

Ad

إن من يقتل الأطفال الفلسطينيين، يومياً، ويهرس أجسادهم الطرية بجنازير الدبابات، لا يمكن أن يكون مع الشعب الكردي ومع أطفاله، ويقيناً فإن الأكثر معرفة بهذا هو الرئيس مسعود البارزاني الذي من المؤكد أنه يعرف معرفة أكيدة أن نتنياهو يكره الأكراد، كما يكره الشعب الفلسطيني، وأنه لجأ إلى هذه المناورة المكشوفة لإيهام مغفلي الرأي العام العالمي بأن إسرائيل هي حامية حمى الأقليات "المضطهدة" في الشرق الأوسط، وفي المنطقة العربية الممتدة من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي.

وهكذا فإن ما يتوقعه الفلسطينيون من أشقائهم الأكراد، وما يتوقعه الرئيس "أبو مازن" من صديقه مسعود البارزاني هو الرد على نتنياهو، هذا المجرم والقاتل، بأنهم يرفضون تضامنه الكاذب معهم، وأنه إذا كان صادقاً، وهو غير صادق على الإطلاق، فإن عليه أن يلتزم بالقرارات الدولية، وأن يبادر إلى إنهاء احتلال إسرائيل لأرض الشعب الفلسطيني، التي احتلتها عام 1967، وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 242، ومن ضمنها القدس الشرقية، التي يجب أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة.

إنه لا يمكن أن يكون هذا المجرم والقاتل صادقاً في تعاطفه مع أكراد العراق وأكراد إيران وتركيا. والمؤكد أن الرئيس مسعود البارزاني بخبرته الطويلة يعرف أن هذه المناورة المكشوفة هدفها تشويه نضال شعبه، الشعب الكردي، وهدفها الإساءة للشعب العراقي، وأيضاً للأمة العربية التي من المعروف أن كثيرين من خيرة قادتها، على مدى حقب التاريخ المتلاحقة، كانوا من أبناء هذا الشعب الكردي الشقيق، الذي لا يزال شقيقاً، وهو سيبقى شقيقاً حتى بعد أن يجترح حقوقه المشروعة ويقيم دولته "القومية" المستقلة.