وصلت السفينة إلى محطتها النهائية محملة بالأغنام، أُنزلت من السفينة وأُدخلت حظائرها وبدأت عملية العلف والتسمين تمهيداً لذبحها، في تلك الأثناء اجتمع كبار تجار الأغنام، الكمية كبيرة والأرباح من ورائها طائلة، لكن مَن سيتكفل بمهمة ذبح كل هذه الأغنام؟ هذا هو السؤال المُلح اليوم، فالجزار السابق كان رؤوفاً رحيماً، لا يصلح لمهنة الجزارة أساساً لكنه ورثها عن أجداده، كانت رحمته مضرة بالتجار والأغنام معاً، فقد كان يفضل الذبح على أنغام سيمفونيات "موزارت" و"شوبان"، يعتقد أن الموسيقى الكلاسيكية تهدئ من روع الأغنام وهي تواجه قدرها المحتوم فلا تشعر بحدة السكين على رقابها، عملية الذبح تباطأت، فلو كل خروف سيسمع "سوناتا" واحدة لمر العام ولم نصل إلى ذبح ربع الكمية، كما أن رقته تلك وشعوره المرهف ورجفة يده كانت تعذب الأغنام أكثر، لكنها مهنة الأجداد التي لا يعرف غيرها، وكبار التجار يحفظون الود والعلاقة التاريخية لأهله، أما إذا ما بدأت تتضرر المصالح فسحقاً للمجاملات، لذا بدأوا التفكير جدياً في جزار جديد، بعضهم اقترح استيراد جزارين من الخارج، فاعترض آخرون بأنه لا يذبح "خرفان" البلد إلا أبناء البلد، واقترح البعض الآخر أن توزع الأغنام بينهم، وكلّ يتولى ذبح نصيبه حسبما يرى، إلا أن آخرين اعترضوا بأنهم تجار فقط ولا يجيدون الذبح أصلاً، وأفصح فريق ثالث من صغار كبار التجار عن استعدادهم التام للقيام بعملية الذبح، إلا أن الكبار جداً قد رفضوا هذا الاقتراح بحجة افتقاد هؤلاء الصغار للخبرة والدراية بأصول الصنعة، فالتجارة شيء والذبح شيء آخر، وتوالت الاقتراحات والأفكار من داخل الصندوق وخارجه، هذا وقد أفادت مصادر موثوق بها بأن الاجتماع مازال منعقداً لتحديد مصير مستقبل آلية ذبح الأغنام، في هذه الأثناء الكآبة والملل والإحباط تقتل الخرفان... وبدون موسيقى.
Ad